830 - مسألة :
فإذا قدم المعتمر ، أو المعتمرة مكة فليدخلا المسجد ولا يبدآ بشيء لا ركعتين ولا غير ذلك قبل فيقبلانه ، ثم يلقيان البيت على اليسار ولا بد ، ثم يطوفان القصد إلى الحجر الأسود بالبيت من الحجر الأسود إلى أن يرجعا إليه سبع مرات ، منها ثلاث مرات خببا وهو مشي فيه سرعة ، والأربع طوافات البواقي مشيا ، ومن شاء أن يخب في الثلاث الطوافات ، وهي الأشواط من الركن الأسود مارا على الحجر إلى الركن اليماني ، ثم يمشي رفقا من اليماني إلى الأسود في كل شوط من الثلاثة فذلك له وكلما مرا على الحجر الأسود قبلاه ، وكذلك الركن اليماني أيضا فقط ، فإذا تم الطواف المذكور أتيا إلى مقام إبراهيم عليه السلام فصليا هنالك ركعتين وليستا فرضا .
ثم خرجا ولا بد إلى الصفا فصعدا عليه ، ثم هبطا فإذا صارا في بطن الوادي أسرع الرجل المشي حتى يخرج عنه ثم يمشي حتى يأتي المروة فيصعد عليها ثم ينحدر كذلك حتى يرجع إلى الصفا ثم يرجع كذلك إلى المروة هكذا حتى يتم سبع مرات : منها ثلاث خببا وأربع مشيا ، وليس الخبب بينهما فرضا .
ثم يحلق الرجل رأسه ، أو يقصر من شعره - ولا تحلق المرأة لكن تقصر من [ ص: 84 ] شعرها ، وقد تمت العمرة وحل لهما كل ما كان حرم عليهما بالإحرام من لباس وغيره .
قال : لا خلاف فيما ذكرنا إلا في أشياء نبينها إن شاء الله عز وجل ، وهي : وجوب الخبب في الطواف ، وجواز تنكيس الطواف بأن يلقى أبو محمد البيت على اليمين ، ووجوب السعي بين الصفا والمروة - : برهان صحة قولنا ما حدثناه عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أخبرني عن محمد بن سليمان لوين عن حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن سعيد بن جبير قال { ابن عباس يثرب ولقوا منها شرا فأطلع الله - عز وجل نبيه - عليه السلام على ذلك فأمر أصحابه أن يرملوا وأن يمشوا ما بين الركنين } فهذا أمر واجب - : وبه إلى لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المشركون إنه يقدم عليكم قوم وهنتهم حمى أحمد بن شعيب أنا عبيد الله بن سعيد بن قدامة نا - عن يحيى هو ابن سعيد القطان - عن عبيد الله هو ابن عمر أن نافع كان يرمل الثلاث ويمشي الأربع ويزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك - فهذا بيان الرمل إنما هو في الثلاثة الأشواط الأول ، وأن الرمل في جميع تلك الأشواط جائز . عبد الله بن عمر
فإن قيل : إن قال في الرمل : ليس سنة ، وهو راوي الحديث ؟ قلنا : لا حجة في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نسألكم ما قولكم ، وقول أهل الإسلام فيهم لو أنهم إذ أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يرملوا ؟ يقولون له : لا نفعل - وقد أعاذهم الله تعالى من ذلك - أعصاة كانوا يكونون أم مطيعين ؟ وأما وجوبه - : فقد روينا من طريق ابن عباس ، ابن عمر ، وعطاء ، وسليمان بن يسار ، ليس على النساء رمل من طرق لو شئنا لتكلمنا في أكثرها لضعفها . ومكحول
وروينا عن ، ابن عباس ، ليس على من ترك الرمل شيء - وعن وعطاء عليه فدية . إبراهيم
وروينا من طريق نا ابن أبي شيبة - عن الثقفي هو عبد الوهاب بن عبد المجيد - عن حبيب هو ابن أبي ثابت : أنه سأل عن المجاور إذا أهل من عطاء مكة هل يسعى الأشواط الثلاثة ؟ قال : إنهم يسعون قال : فأما فإنه قال : إنما ذلك على أهل الآفاق . [ ص: 85 ] ومن طريق ابن عباس عن عبد الرزاق عن زكريا بن إسحاق عن إبراهيم بن ميسرة قال : خرج مجاهد ، ابن الزبير فاعتمرا من وابن عمر الجعرانة لما فرغ من بناء ابن الزبير الكعبة قال : وكنت جالسا عند مجاهد زمزم فلما دخل ناداه ابن الزبير أرمل الثلاث الأول ؟ فرمل ابن عمر السبع كله . ابن الزبير
ومن طريق عن ابن أبي شيبة عن أبي أسامة هشام عن الحسن ، قالا : ليس على أهل وعطاء مكة رمل ، ولا على من أهل منها إلا أن يجيء أحد من أهل مكة من خارج .
فهذه رواية عن بإيجاب ابن عباس . الرمل على أهل الآفاق
وعن الحسن ، مثل ذلك - وعن وعطاء بإيجابه ذلك عن ابن عمر وهو ساكن ابن الزبير بمكة ، وأقل هذا أن يكون اختلافا من قولي ابن عباس ، وقد ذكرنا ما تركوا فيه الجمهور وما انفردوا به بغير سنة لكن برأي ; وهم يعظمون ذلك ، ونحن لا ننكره إذا اتبعت السنة في خلافه . وعطاء
وأما فسنة وليس فرضا ، لأنه لم يأت بذلك أمر ، وإنما هو عمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط ، وقد طاف عليه السلام راكبا يشير بمحجن في يده إلى الركن . تقبيل الركنين
وأما فإن تنكيس الطواف أجاز تنكيس الوضوء ، وتنكيس الأذان ، وتنكيس الإقامة ، وتنكيس الطواف . أبا حنيفة
قال : إذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبب في الأشواط المذكورة فقد علمهم من أين يبتدئون ؟ وكيف يمشون فصار ذلك أمرا ، وأمره عليه السلام فرض ، ولا أعجب ممن لا يرى العمرة ، أو الحج يبطلان بمخالفة ما أمر الله تعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم ثم يراهما يبطلان بما لم يأت فيه أمر بذلك من الله تعالى ، ولا من رسوله صلى الله عليه وسلم كتعمد الإمناء في مباشرة امرأته بغير جماع ونحو ذلك . أبو محمد
وأما الصفا والمروة في العمرة فإن الطواف بين وغيره قالوا : ليس فرضا - : روينا من طريق أنسا نا عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عمرو بن دينار قال : كان يقرأ : " فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما . [ ص: 86 ] قال ابن عباس : هذا قول من أبو محمد لا إدخال منه في القرآن - وعن ابن عباس أيضا : العمرة الطواف ابن عباس بالبيت .
ومن طريق عن شعبة عاصم الأحول قال : سمعت يقرأ فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما . أنس بن مالك
ومن طريق عن عبد بن حميد الضحاك بن مخلد عن عن ابن جريج عن عطاء مثل ذلك . ابن مسعود
ومن طريق عن عبد بن حميد عبد الله بن يزيد المقري عن عن أبي حنيفة عن ميمون بن مهران مثل ذلك ، وهو قول أبي بن كعب ، عطاء ، ومجاهد . ومن طريق وميمون بن مهران عن حماد بن سلمة قيس بن سعد عن عن عطاء قال في الطواف بين ابن الزبير الصفا والمروة : هما تطوع .
واحتج من رأى هذا القول بقول الله تعالى : { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما } .
وروينا عن عائشة رضي الله عنها إيجاب فرض السعي بينهما ، وقالت في هذه الآية : إنما نزلت في ناس كانوا لا يطوفون بينهما ; فلما كان الإسلام طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : لو لم تكن إلا هذه الآية لكانت غير فرض لكن الحجة في فرض ذلك ما حدثناه أبو محمد عبد الله بن يوسف نا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب بن عيسى نا نا أحمد بن محمد نا أحمد بن علي نا مسلم بن الحجاج نا محمد بن المثنى نا محمد بن جعفر عن شعبة عن قيس بن مسلم طارق بن شهاب عن قال { أبي موسى الأشعري بالبطحاء فقال لي : أحججت ؟ فقلت : نعم فقال : بم أهللت ؟ قال قلت : لبيت بإهلال كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فقد أحسنت طف بالبيت ، وبين الصفا والمروة وأحل } . قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخ
قال : بهذا صار السعي بين علي الصفا والمروة في العمرة فرضا .
وأما الرمل بينهما - : فحدثنا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب [ ص: 87 ] أنا نا محمود بن غيلان المروزي بشر بن السري نا - عن سفيان هو الثوري عن عطاء بن السائب كثير بن جمهان قال : رأيت يمشي بين الصفا والمروة فقال : إن أمش فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي ، وإن أسع فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى . ابن عمر
قال : والخبر الذي فيه " اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي " فإنما روته علي عن امرأة لم تسم ; وقد قيل : هي صفية بنت شيبة بنت أبي تجراة وهي مجهولة ، ولو صح لقلنا بوجوبه ، ومن عجز عن الخبب المذكور مشى ولا شيء عليه لقول الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }