وأما بطلان بمزدلفة من الرجال ، فلما حدثناه حج من لم يدرك مع الإمام صلاة الصبح عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أخبرني محمد بن قدامة المصيصي نا عن جرير بن حازم عن مطرف بن طريف الشعبي عن عروة بن مضرس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } . من أدرك جمعا مع الإمام والناس حتى يفيضوا منها فقد أدرك الحج ، ومن لم يدرك مع الإمام والناس فلم يدرك
وبه إلى أحمد بن شعيب أنا عمرو بن علي نا نا يحيى بن سعيد القطان أخبرني إسماعيل بن أبي خالد عامر الشعبي أخبرني { عروة بن مضرس الطائي قال : قلت : يا رسول الله أتيتك من جبلي طيئ أكللت مطيتي وأتعبت نفسي ، والله ما بقي من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى الغداة هاهنا ، ثم أقام معنا ، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه } .
وقال تعالى : { فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام } فوجب بمزدلفة - وهي المشعر الحرام - وذكر الله - تعالى - عندها فرض يعصي من خالفه ولا حج له ، لأنه لم يأت بما أمر ; إلا أن إدراك صلاة الفجر [ ص: 127 ] فيها مع الإمام هو الذكر المفترض ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكور ، ومن أدرك شيئا من صلاة الإمام فقد أدرك الصلاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الوقوف } . فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا
قال : والعجب ممن يقول : إن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في سائمة الإبل { أبو محمد في كل خمس شاة } دليل على أن غير السائمة بخلاف السائمة .
وممن يقول : إن قوله عليه السلام { } دليل أن الإمام لا يقول : ربنا ولك الحمد ، وأن المأموم لا يقول : سمع الله لمن حمده ثم لا يرى قوله عليه السلام : { وإذا قال : سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا ولك الحمد عرفة قبل ذلك فقد تم حجه } دليلا على أن من لم يصل الغداة هنالك مع الإمام لم يتم حجه ; فكيف وقد غنينا [ عن ذلك كله ] بنصه عليه السلام ؟ على أنه إن لم يدرك ذلك فلم يدرك الحج . من صلى الغداة هاهنا معنا ، وقد أتى
واحتج بعضهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم : { عرفة } ؟ قال الحج : وهم أول مبطل لهذا الاحتجاج لأن عندهم فرائض يبطل الحج بتركها سوى علي عرفة كترك الإحرام وترك طواف الإفاضة . وترك الصفا والمروة . فكم هذا التناقض ؟ وليس قوله عليه السلام : { عرفة } بمانع من أن يكون غير والحج عرفة الحج أيضا إذا جاء بذلك نص ، وقد قال تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } والبيت غير عرفة بلا شك .
وسوى - تعالى - بين الأمر بعرفة ، والأمر بمزدلفة في القرآن ، وقد قال - تعالى - : { وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر } .
وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوم الحج الأكبر - هو يوم النحر - ولا يكون يوم الحج الأكبر إلا وغيره يوم الحج الأصغر ، ومحال ممتنع أن يكون - هو يوم الحج الأكبر - ولا يكون فيه من فرائض الحج شيء ويكون فرض الحج في غيره . [ ص: 128 ] فصح أن جملة فرائض الحج في يوم الحج الأكبر ، وهي الوقوف بمزدلفة الذي لا يكون في غيره ، ورمي الجمرة ، والإفاضة ; وقد يكونان فيما بعده كما عرفة فيما قبله - : روينا من طريق نا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل الحسن العرني عن قال " من أفاض من ابن عباس عرفة فلا حج له " .
وقد ذكرنا عن أنه كان يقول في خطبته : ألا لا صلاة إلا بجمع ; فإذا أبطل الصلاة إلا ابن الزبير بمزدلفة فقد جعلها من فرائض الحج .
ومن طريق عن شعبة داود بن يزيد الأزدي عن قال : سألت أبي الضحى عمن لم يدرك علقمة عرفات ، أو جمعا ، أو وقع بأهله يوم النحر قبل أن يزور ؟ فقال : عليه الحج .
ومن طريق عن شعبة المغيرة بن مقسم عن قال : كان يقال : من فاته جمع أو إبراهيم النخعي عرفة فقد فاته الحج .
ومن طريق عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر قال : من فاته إبراهيم النخعي عرفة ، أو جمع ، أو جامع قبل أن يزور فقد فسد حجه .
ومن طريق أيضا عن سفيان الثوري عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي أنه قال : من فاته جمع جعلها عمرة .
وعن من لم يقف بجمع فلا حج له . الحسن البصري
وعن قال : من فاته الإفاضة من جمع فقد فاته الحج فليحل بعمرة ثم ليحج من قابل - ومن طريق حماد بن أبي سليمان عن شعبة عن أبي بشر قال : يوم الحج الأكبر - هو يوم النحر - ألا ترى أنه إذا فاته سعيد بن جبير عرفة لم يفته الحج وإذا فاته يوم النحر فاته الحج ؟ قال : صدق أبو محمد ; لأن سعيد عرفة يوم عرفة لم يفته الحج لأنه يقف من فاتته بعرفة ليلة يوم النحر ; وأما يوم النحر فإنما سماه الله - تعالى - : { يوم الحج الأكبر } لأن فيه فرائض ثلاثا من فرائض الحج ، وهو الوقوف بمزدلفة لا يكون جازئا إلا غداة يوم النحر ، وجمرة العقبة ، ; فصح أن [ ص: 129 ] وطواف الإفاضة ، ويجوز تأخيره مزدلفة أشد فروض الحج تأكيدا وأضيقها وقتا ; وقد روي عن خلاف هذا . ابن عمر
وأما قولنا : إن النساء ، والصبيان ، والضعفاء بخلاف هذا ; فلما روينا من طريق نا مسلم نا محمد بن أبي بكر المقدمي - عن يحيى هو ابن سعيد القطان حدثني { ابن جريج عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر الصديق أن أسماء قالت له بمزدلفة : هل غاب القمر ؟ قلت : لا ، فصلت ساعة ثم قالت يا بني هل غاب القمر ؟ قلت : نعم ، قالت : ارحل بي فارتحلنا حتى رمت الجمرة ثم صلت في منزلها فقلت لها أي هنتاه لقد غلسنا ، قالت : كلا أي بني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن } .
ومن طريق أخبرني ابن وهب عن يونس ابن شهاب أن أخبره أن سالم بن عبد الله بن عمر كان يقدم ضعفة أهله فيقفون عند عبد الله بن عمر المشعر الحرام بالمزدلفة بالليل فيذكرون الله - تعالى - ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام ويقول أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم . ابن عمر
ومن طريق حدثني مسلم أنا علي بن خشرم عن عيسى بن يونس أخبرني ابن جريج : أن عطاء ابن شوال أخبره أنه دخل على أم المؤمنين فأخبرته : { أم حبيبة } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بها من جمع بليل
ومن طريق نا مسلم يحيى بن يحيى عن حماد بن يزيد عن عبيد الله بن أبي يزيد قال : سمعت { يقول : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثقل وفي الضعفة من جمع بليل ابن عباس } .
قال : كان أبو محمد حينئذ قد ناهز الاحتلام ولم يحتلم بعد ، هكذا ذكر عن نفسه في الخبر الذي فيه : أنه أتى ابن عباس منى على أتان ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس قال : وأنا غلام قد ناهزت الاحتلام فخرج هؤلاء عن وجوب حضور صلاة الصبح بمزدلفة مع الإمام عليهم وبقي عليهم فرض الوقوف بمزدلفة ، وذكر الله - تعالى - هنالك ليلة [ ص: 130 ] النحر ولا بد لعموم قوله تعالى : { فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام } .