924 مسألة : 
وجائز تحريق أشجار المشركين ، وأطعمتهم ، وزرعهم ودورهم ، وهدمها  ، قال الله - تعالى - : { ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين    } وقال - تعالى - {    : ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح    } وقد أحرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير    - وهي في طرف دور المدينة    - وقد علم أنها تصير للمسلمين في يوم أو غده . 
وقد روينا عن  أبي بكر الصديق  رضي الله عنه : لا تقطعن شجرا مثمرا ولا تخربن عامرا ، ولا حجة في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ينهى  أبو بكر  عن ذلك اختيارا ; لأن ترك ذلك أيضا مباح كما في الآية المذكورة ، ولم يقطع صلى الله عليه وسلم أيضا نخل خيبر  ، فكل ذلك حسن - وبالله - تعالى - التوفيق . 
925 - مسألة : 
ولا يحل عقر شيء من حيوانهم  ألبتة لا إبل ، ولا بقر ، ولا غنم ، ولا خيل ، ولا دجاج ، ولا حمام ، ولا أوز ، ولا برك ، ولا غير ذلك إلا للأكل فقط ، حاشا الخنازير جملة فتعقر ، وحاشا الخيل في حال المقاتلة فقط ، وسواء أخذها المسلمون ، أو لم يأخذوها أدركها العدو ولم يقدر المسلمون على منعها ، أو لم يدركوها ويخلى كل ذلك ولا بد إن لم يقدر على منعه ، ولا على سوقه ، ولا يعقر شيء من نحلهم ، ولا يغرق ، ولا تحرق خلاياه . 
وكذلك من وقعت دابته في دار الحرب فلا يحل له عقرها لكن يدعها كما هي وهي له أبدا مال من ماله كما كانت لا يزيل ملكه عنها حكم بلا نص . 
وهو قول  مالك  ،  وأبي سليمان    . 
 [ ص: 346 ] وقال الحنفيون ، والمالكيون : يعقر كل ذلك ، فأما الإبل ، والبقر ، والغنم ، فتعقر ، ثم تحرق ، وأما الخيل ، والبغال ، والحمير فتعقر فقط . 
وقال المالكيون : أما البغال ، والحمير ، فتذبح ، وأما الخيل فلا تذبح ، ولا تعقر ، لكن تعرقب ، أو تشق أجوافها . 
قال  أبو محمد    : في هذا الكلام من التخليط ما لا خفاء به على ذي فهم ، أول ذلك : أنه دعوى بلا برهان ، وتفريق لا يعرف عن أحد قبلهم ، وكانت حجتهم في ذلك أنهم ربما أكلوا الإبل ، والبقر ، والغنم ، والخيل إذا وجدوها منحورة فكان هذا الاحتجاج أدخل في التخليط من القولة المحتج لها . 
وليت شعري متى كانت النصارى  ، أو المجوس  ، أو عباد الأوثان يتجنبون أكل حمار ، أو بغل ، ويقتصرون على أكل الأنعام ، والخيل ، وكل هؤلاء يأكلون الميتة ، ولا يحرمون حيوانا أصلا - وأما اليهود  ، والصابئون    : فلا يأكلون شيئا ذكاه غيرهم أصلا - وهذا عجب جدا . 
واحتجوا في إباحتهم قتل كل ذلك بقول الله - تعالى - : { ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح    } . 
قال  أبو محمد    : فقلنا لهم : فاقتلوا أولادهم ، وصغارهم ، ونساءهم ، بهذا الاستدلال فهو بلا شك أغيظ لهم من قتل حيوانهم ؟ فقالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء ، والصبيان . فقلنا لهم : وهو عليه السلام نهي عن قتل الحيوان ، إلا لمأكله ، ولا فرق ; وإنما أمرنا الله - تعالى - أن نغيظهم فيما لم ينه عنه لا بما حرم علينا فعله . 
روينا من طريق أحمد بن شعيب   أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري  نا  سفيان بن عيينة  عن عمرو هو ابن دينار    - عن صهيب مولى ابن عامر  عن  عبد الله بن عمرو بن العاص  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله - عز وجل - عنها . قيل : يا رسول الله وما حقها ؟ قال يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها يرمي به   } .  [ ص: 347 ] 
ومن طريق  مسلم بن الحجاج  نا محمد بن حاتم  نا  يحيى بن سعيد القطان  عن  ابن جريج  حدثني  أبو الزبير  أنه سمع  جابر بن عبد الله  يقول { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يقتل شيء من الدواب صبرا   } 
ومن طريق أحمد بن شعيب   أخبرنا محمد بن زنبور المكي  نا ابن أبي حازم  عن يزيد بن الهاد  عن معاوية بن عبد الله بن جعفر  عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {   : لا تمثلوا بالبهائم   } . 
ومن طريق  مالك  عن  يحيى بن سعيد الأنصاري  أن  أبا بكر الصديق  رضي الله عنه قال لأمير جيش بعثه إلى الشام    : لا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة ولا تحرقن نحلا ولا تغرقنه ، ولا يعرف له في ذلك من الصحابة مخالف . 
وأما الخنازير فروينا من طريق  البخاري  نا  إسحاق هو ابن راهويه    - نا  يعقوب بن إبراهيم بن سعد  نا أبي عن  صالح بن كيسان  عن ابن شهاب  أن  سعيد بن المسيب  سمع  أبا هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم  حكما عدلا فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير   } فأخبر عليه السلام أن قتل الخنزير من العدل الثابت في ملته التي يحييها عيسى  أخوه عليهما السلام . 
وذكر بعض الناس خبرا لا يصح ، فيه : أن  جعفر بن أبي طالب  عرقب فرسه يوم قتل - وهذا خبر رواه عباد بن عبد الله بن الزبير  عن رجل من بني مرة  لم يسمه ، ولو صح لما كان فيه حجة ; لأنه ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم عرف ذلك فأقره . 
وأما الفرس في المدافعة فإن للمسلم أن يدفع عنه من أراد قتله أو أسره بأي شيء أمكنه . 
				
						
						
