963 - مسألة :
خيطا فما فوقه ولا يحل لأحد أن يأخذ مما غنم جيش ، أو سرية شيئا
وأما الطعام فكل ما أمكن حمله فحرام على المسلمين إلا ما . اضطروا إلى أكله ولم يجدوا شيئا غيره
وأما ما يقدر على حمله فجائز إفساده وأكله ، وإن لم يضطروا إليه . وإنما هذا فيما ملكوه ، وأما ما لم يملكوه من صيد ، أو حجر ، أو عود شعر ، أو ثمار ، أو غير ذلك ، فهو كله مباح كما هو في أرض الإسلام ولا فرق ، قال عز وجل : { ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة } .
روينا من طريق عن مالك ثور بن زيد الديلي عن أبي الغيث مولى ابن مطيع عن أنه قال { أبي هريرة مدعم ، حتى إذا كانوا بوادي القرى فبينا مدعم يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم عائر فأصابه فقتله ; فقال الناس : هنيئا له الجنة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا ; [ ص: 420 ] فلما سمعوا ذلك جاء رجل بشراك ، أو شراكين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عليه السلام : شراك ، أو شراكان من نار } والطعام من جملة أموالهم . أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد أسود يقال له :
فإن ذكر ذاكر ما رويناه من طريق { ابن عمر } فهذا عليهم ; لأنهم يقولون : إن كثر ذلك وأمكن حمله خمس ولا بد ، وأما نحن فإن الآية زائدة على ما في هذا الخبر ، وهي قوله تعالى : { غنم جيش في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما وعسلا فلم يؤخذ منهم الخمس واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى } .
وحديث الغلول زائد عليه ، فيخرج هذا الخبر على أنه كان قبل نزول الخمس لا يجوز إلا هذا ; لأن الأخذ بالزائد فرض لا يحل تركه ، ونحن على يقين من أن الآية ، وحديث الغلول غير منسوخين مذ نزلا .
فإن ذكروا أيضا حديث " كنا نصيب في مغازينا العنب والعسل فنأكله ولا نرفعه " فهذا بين وهو أنه كان لا يمكن حمله ; إذ لم يرفعوه فأكله خير من إفساده ، أو تركه ، وهكذا نقول . ابن عمر
فإن ذكروا حديث ابن مغفل في جراب الشحم ، فلا حجة لهم فيه لأنهم أول مخالف له فيقولون : لا يحل أخذ الجراب وإنما يحل عند بعضهم الشحم فقط . وهذا خبر قد رويناه بزيادة بيان ، كما روينا من طريق محمد بن عبد الملك بن أيمن نا أحمد بن زهير بن حرب نا ، عفان بن مسلم قالا : نا ومسلم بن إبراهيم عن شعبة عن حميد بن هلال قال { عبد الله بن مغفل خيبر فدلي إلينا جراب فيه شحم فأردت أن آخذه ونوينا أن لا نعطي أحدا منه شيئا فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفي يبتسم ، فاستحييت أن آخذه } . كنا محاصري
ثم لو صح أنه أخذه لكان على ما ذكرنا من الحاجة إليه . يبين ذلك ما [ ص: 421 ] رويناه من طريق نا البخاري علي بن الحكم الأنصاري نا أبو عوانة عن سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن جده قال : { بذي الحليفة فأصاب الناس جوع فأصابوا إبلا وغنما والنبي صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس فعجلوا فذبحوا ونصبوا القدور فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقدور فأكفئت ، ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير } فلم يبح لهم أكل شيء إذ قد كانت القسمة قد حضرت فيصل كل ذي حق إلى حقه - وبالله تعالى التوفيق . كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
964 - مسألة :
وكل من دخل من المسلمين فغنم في أرض الحرب سواء كان وحده أو في أكثر من واحد بإذن الإمام وبغير إذنه فكل ذلك سواء ، والخمس فيما أصيب ، والباقي لمن غنمه ; لقول الله تعالى : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } ، وقوله تعالى : { فكلوا مما غنمتم } .
وقال : لا خمس إلا فيما أصابته جماعة . أبو حنيفة
قال : تسعة فأكثر - وهذه أقوال في غاية الفساد لمخالفتها القرآن ، والسنن ، والمعقول ، وقد قال تعالى : { أبو يوسف قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة } فلم يخص بأمر الإمام ولا بغير أمره لوجبت معصيته في ذلك ، لأنه أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة له . ولو أن إماما نهى عن قتال أهل الحرب
وقال تعالى : { فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك } وهذا خطاب متوجه إلى كل مسلم ، فكل أحد مأمور بالجهاد وإن لم يكن معه أحد ، وقال تعالى : { انفروا خفافا وثقالا } ، وقال تعالى : { فانفروا ثبات أو انفروا جميعا } .