باب هبة المريض العبد يقتله خطأ ويعف عنه ( قال رحمه الله ) : وإذا ، فإنه يقال للموهوب له : ادفعه أو افده ، فإن اختار الدفع دفع أربعة أخماسه ، وجاز له الخمس ; لأنه جمع بين الهبة ، والعفو ، وكل واحد منهما وصية تجوز من الثلث ، فحق الموهوب له باعتبار الهبة في سهم ، ثم لو لا العفو لكان يدفع ذلك السهم فيسلم له ذلك السهم بالعفو ، فحق الورثة في أربعة لما نفذنا الوصية له في سهمين : سهم بالعفو وسهم بالهبة ; فلهذا يكون العبد على خمسة ، تجوز الهبة في سهم ، ثم يجوز العفو في ذلك السهم فيكون ذلك السهم بمعنى سهمين ، ويصير كأن الميت إنما ترك عبدا وخمسي عبد فيسلم للورثة أربعة أخماس عبد ويسلم للموصى له خمسا عبد في الحكم ، فيستقيم الثلث والثلثان . وهب المريض في مرضه الذي مات فيه عبدا لرجل قيمته ألف درهم ، وقبضه ولا مال له غيره ، ثم إن العبد قتل الواهب خطأ فعفا عنه الواهب قبل موته
وعلى طريق الجبر يجعل العبد مالا وتجوز الهبة في شيء ، ثم يجوز العفو في ذلك الشيء يبقى في يد الورثة مال إلا شيئا ، وذلك يعدل أربعة أشياء ; لأنا جوزنا الهبة في شيء ، والعفو في شيء فحاجة الورثة إلى ضعف ذلك ، وهو أربعة أشياء ، فأجبر المال بشيء ، وزد على ما يعدله مثله ، فظهر أن المال الكامل يعدل خمسة أشياء ، وأنا حين جوزنا الهبة في شيء كان ذلك بمعنى خمس العبد وجوزنا العفو فيه أيضا ، وإن اختار الفداء فدى ثلثه بثلث الدية ويسلم له العبد كله ; لأنه لو كان العفو دون الهبة لكان يفدي سدس العبد بالطريق الذي قلنا : إنه لو كان للميت ألفا درهم جاز العفو في جميع العبد ، فيضم الألفين إلى الدية ، ثم يجوز العفو في مقدار الدية ويبطل العفو في حصة الألفين ، وذلك سدس الجملة فيفديه بسدس الدية ، فإذا فإنما يفدي ثلث العبد بثلث الدية ، وذلك ثلاثة آلاف وثلث ألف ويسلم له العبد كله بالهبة وثلثا العفو ، وذلك ستمائة وستون وثلثان ; لأن موجب الجناية أحد شيئين : القيمة أو الدية ، وإنما يعتبر الأقل ، وهو القيمة ; لأنه المتيقن به فيكون السالم للموهوب له في الحاصل ألف وستمائة وستة وستون وثلثان ، قد سلم للورثة ضعف ذلك من الدية ، فكان مستقيما ، فإن كانت قيمته ألفي درهم فاختار الدفع دفع أربعة أخماسه كما بينا ، وإن اختار الفداء فدى أربعة أسباعه بأربعة أسباع الدية ويسلم له العبد كله ; لأنا نضم ضعف قيمة العبد ، وهو أربعة آلاف إلى الدية ، ثم نوجب عليه الفداء بحصة ما عدمنا وذلك سبعان لو لم يكن هنا هبة ، فبعد وجود الهبة يتضاعف الفداء فيفدي أربعة أسباعه بأربعة أسباع الدية ، وذلك خمسة آلاف وخمسة أسباع ألف ، ويسلم للموهوب له العبد بالهبة وقيمته ألفان وثلاثة أسباعه بالعفو ، وذلك ستة أسباع ألف فيكون له ألفان وستة أسباع ألف فذلك ثلث تركة الميت . اجتمعت الهبة ، والعفو يتضاعف [ ص: 86 ] ما يلزمه الفداء فيه .
ولو كانت قيمته ثلاثة آلاف فدى ثلاثة أرباعه بثلاثة أرباع الدية ; لأنا نضم إلى الدية ضعف القيمة وذلك ستة آلاف فيكون ستة عشر ألفا ، فلو كان العفو خاصة لكان يفدي بحساب المضموم ، وذلك ثلاثة أثمان الدية ، فعند اجتماع الهبة مع العفو يتضاعف الفداء فيفدي ثلاثة أرباعه بثلاثة أرباع الدية ، وذلك سبعة آلاف وخمسمائة ، فيسلم له العبد بطريق الهبة ، وقيمته ثلاثة آلاف ربعه بالعفو قيمته سبعمائة وخمسون ، فذلك ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمسون نفذنا فيه الوصية ، قد سلم للورثة ضعف ذلك . لو كانت قيمته أربعة آلاف فدى ثمانية أتساع بثمانية أتساع الدية ; لأنا نضم ضعف القيمة ، وهو ثمانية آلاف إلى الدية ، فلو لم يكن إلا العفو لكان يفدي بحصة المضموم ، وذلك أربعة أتساعه . فإذا اجتمعت الهبة والعفو يتضاعف الفداء ; فلهذا يفدي ثمانية أتساعه بثمانية أتساع الدية ، ولو كانت قيمته خمسة آلاف فداه كله بجميع الدية ويسلم له العبد بالهبة ; لأنا نضم ضعف القيمة إلى الدية فيكون عشرين ألفا ، فلو كان العفو دون الهبة لكان يفدي بحصة المضموم ، وذلك نصف العبد . فإذا اجتمعت الهبة مع العفو يتضاعف الفداء عليه فيفدي جميعه بجميع الدية ، وذلك عشرة آلاف ويسلم له العبد بالهبة وقيمته خمسة آلاف فيستقيم الثلث والثلثان وهذا ; لأنا نصحح الهبة له في جميع العبد أولا ، فإن بتصحيح الهبة في جميع العبد يزداد الفداء عليه وبزيادة الفداء يزداد مال الميت ، فلا بد من تصحيح الهبة في جميع العبد ، ثم إن بقي من الثلث شيء يصح العفو بقدر ما بقي من العبد ويفدي ما زاد على ذلك كما في المسائل [ ص: 87 ] المتقدمة . وإن لم يبق من الثلث شيء لا يصح العفو في شيء كما في هذه المسألة ، فإنه إذا كانت قيمته خمسة آلاف ، قد نفذنا الهبة في جميع ذلك العبد لا يبقى من ثلث مال الميت شيء ; فلهذا يبطل العفو ويفدي جميع العبد بجميع الدية .