. ( قال ) ، ولا يصلي المغرب حتى يأتي المزدلفة   لما روي { أن  أسامة بن زيد  رحمه الله تعالى كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق من المزدلفة  فقال : الصلاة يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام الصلاة أمامك   } ، ومراده من هذا اللفظ إما الوقت أو المكان ، ولم  [ ص: 19 ] يصل حتى انتهى إلى المزدلفة  فكان ذلك دليلا ظاهرا على أنه لا يشتغل بالصلاة قبل الإتيان إلى المزدلفة فإذا أتى المزدلفة  نزل بها مع الناس ، وإنما ينزل عن يمين الطريق أو عن يساره ، ويتحرز عن النزول على الطريق كي لا يضيق على المارة ، ولا يتأذى هو بهم { فيصلي المغرب والعشاء بأذان ، وإقامة واحدة   } ، وقال  زفر  رحمه الله تعالى بأذان وإقامتين . هكذا رواه  ابن عمر  رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما  جابر  رضي الله عنه فيروي { أنه جمع بينهما بأذان وإقامة واحدة   } . والمراد بحديث  ابن عمر  رضي الله عنه هذا أيضا إلا أنه سمى الأذان إقامة ، وكل واحدة منهما يسمى باسم صاحبه قال صلى الله عليه وسلم { بين كل أذانين صلاة لمن شاء   } . يريد بين الأذان والإقامة ، ثم العشاء هنا مؤداة في وقتها المعهود فلا تقع الحاجة إلى إفراد الإقامة لها بخلاف العصر بعرفات  فإنها معجلة على وقتها . 
وإن صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الإقامة فتأويله أنه اشتغل بين الصلاتين بنفل أو شغل آخر ، وعندنا في مثل هذا الموضع تفرد الإقامة للعشاء ، وقد ذكر في بعض روايات  ابن عمر  رضي الله عنه أنه تعشى بعد المغرب ، ثم أفرد الإقامة للعشاء . 
( قال ) ثم يبيت بها فإذا انشق الفجر صلى الفجر بغلس . هكذا  رواه  جابر  رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى العشاء بالمزدلفة  بسط له شيء فبات عليه فلما طلع الفجر صلى الفجر   } . 
{ وقال  ابن مسعود  رضي الله عنه ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة قبل ميقاتها إلا صلاة الفجر صبيحة الجمع فإنه صلاها يومئذ بغلس   } ، ولأن الإسفار بالفجر وإن كان أفضل في سائر المواضع ففي هذا الموضع التغليس أفضل لحاجته إلى الوقوف بعده ، وفي الإسفار بعض التأخير في الوقوف فإذا كان يجوز تعجيل العصر على وقتها للحاجة إلى الوقوف بعدها فلأن يجوز التغليس كان أولى 
				
						
						
