. ( والفصل الثاني ) في فعندنا الأفضل هو القران ، ثم بعده التمتع ، وعلى رواية بيان الأفضل ابن شجاع عن رحمهما الله تعالى الإفراد أفضل من التمتع . أبي حنيفة
وعن رحمه الله تعالى قال حجة كوفية ، وعمرة كوفية أفضل عندي من القران ، وعلى قول محمد رحمه الله تعالى الشافعي ، وعلى قول الإفراد أفضل من القران رحمه الله تعالى مالك التمتع أفضل من القران استدل بحديث فالشافعي رضي الله عنه { جابر } ، وهكذا روت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفردا بالحج ، وأنا ممن كنت أفرد رضي الله عنها { عائشة } ، ولأن القران رخصة كما { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفردا بالحج ، وإنما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة مرة فما كان يترك ما هو الأفضل فيما يؤديه مرة واحدة رضي الله عنها إنما أجرك على قدر تعبك ونصبك لعائشة } ، وإنما القران رخصة ، والإفراد عزيمة ، والتمسك بالعزيمة خير من التمسك بالرخصة ، ولأن في الإفراد زيادة الإحرام ، والسعي والحلق فإن القارن يؤدي النسكين بسفر واحد ، ويلبي لهما تلبية واحدة ، ويحلق لهما حلقا واحدا ، ولأجل هذا النقصان يجب عليه [ ص: 26 ] الدم جبرا ، والمفرد يؤدي كل نسك بصفة الكمال ، وأداء النسك بصفة الكمال يكون أفضل من إدخال النقصان والجبر فيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمه الله تعالى استدل بحديث ومالك عثمان رضي الله عنه { } ، وعلماؤنا رحمهم الله تعالى استدلوا بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم تمتع بالعمرة إلى الحج علي ، وابن مسعود رضي الله عنه { ، وعمران بن الحصين } . أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى سعيين
وعن رضي الله تعالى عنه قال : { أنس بن مالك } ، وأهل الحديث جمعوا رواة نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا ثلاثين نفرا فعشرة منهم تروي أنه كان قارنا ، وعشرة أنه كان مفردا ، وعشرة أنه كان متمتعا فنوفق بين هذه الروايات فنقول { كنت آخذ بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقصع بجرتها ، ولعابها يسيل على كتفي ، وهو يقول لبيك بحجة وعمرة معا لبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا بالعمرة فسمعه بعض الناس ، ثم رأوه بعد ذلك حج فظنوا أنه كان متمتعا فنقلوا كما وقع عندهم ، ثم لبى بعد ذلك بالحج فسمعه قوم آخرون فظنوا أنه كان مفردا بالحج ، ثم لبى بهما فسمعه قوم آخرون فعلموا أنه كان قارنا } ، وكل نقل ما وقع عنده ، وهو نظير ما روينا من توفيق رضي الله عنه في اختلاف الروايات في وقت تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لما وقع الاختلاف في فعله نصير إلى قوله ، وقد { ابن عباس بالعقيق فقال : صل في هذا الوادي المبارك ركعتين ، وقل لبيك بحجة وعمرة معا ، وقال صلى الله عليه وسلم يا آل محمد أهلوا بحجة وعمرة معا } ، ولأن في القران معنى الوصل والتتابع في العبادة . قال صلى الله عليه وسلم : وأتاني آت من ربي ، وأنا
ومعنى الجمع بين العبادتين ، وهو أفضل من إفراد كل واحد منهما كالجمع بين الصوم والاعتكاف والجمع بين الحراسة في سبيل الله تعالى مع صلوات الليل ، ولأن في القران زيادة نسك ، وهو إراقة دم الهدي ، وقد قال صلى الله عليه وسلم { } والثج إراقة الدم . والكلام في الحقيقة ينبني على هذا الحرف فإن دم القران عنده دم جبر حتى لا يباح التناول منه ، وعندنا هو دم نسك يباح التناول منه ، والدليل على أنه دم نسك أنه يتوقف بأيام النحر كالأضحية ، ودم الجبر لا يتوقت به ، وإن سببه مباح محض ، ودم الجبر يستدعي سببا محظورا ; لأن النقصان إنما يتمكن بارتكاب ما لا يحل ، وقد تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم من هداياه على ما روي { أفضل الحج العج والثج رضي الله عنه ، ثم أمر أن يؤخذ [ ص: 27 ] من كل واحدة قطعة فتطبخ له فأكل من لحمها ، وحسا من مرقها عليا } ، وقد صح عندنا أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا فدل أن دم القران يباح التناول منه وإذا ثبت أنه دم نسك فما يكون فيه زيادة نسك فهو أفضل ، ولهذا جعل التمتع أفضل من الإفراد في ظاهر الرواية ; لأن فيه زيادة نسك إلا أن القران أفضل منه لما فيه من زيادة التعجيل بالإحرام بالحج ، واستدامة إحرامهما من الميقات إلى أن يفرغ منهما ، وفي حق التمتع العمرة ميقاتية ، والحجة مكية ، وعلى رواية أنه ساق مائة بدنة فنحر نيفا وستين بنفسه ، وولى الباقي ابن شجاع رحمه الله تعالى لهذا المعنى أن حجة المتمتع مكية يحرم بها من الحرم ، والمفرد يحرم بكل واحد منهما من الحل ، ولهذا جعل الإفراد أفضل من التمتع رحمه الله تعالى الإفراد بكل واحد منهما من محمد الكوفة أفضل ; لأنه ينشئ سفرا مقصودا لكل واحد منهما ، وقد صح أن رضي الله عنه نهى الناس عن المتعة فقال : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا أنهى الناس عنهما متعة النساء ومتعة الحج ، وتأويله أنه كره أن يخلو عمر البيت عن الزوار في غير أشهر الحج فأمرهم أن يعتمروا بسفر مقصود في غير أشهر الحج كي لا يخلو البيت من الزوار في شيء من الأوقات لا أن يكون التمتع مكروها عنده بدليل حديث الصبي بن معبد قال : كنت امرأ نصرانيا فأسلمت فوجدت الحج والعمرة واجبتين علي فقرنت بينهما فلقيت نفرا من الصحابة فيهم زيد بن صوحان ، وسلمان بن ربيعة رضي الله عنهما فقال أحدهما لصاحبه : هو أضل من بعيره فلقيت رضي الله عنه فأخبرته بذلك فقال : ما قالا ليس بشيء هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم . عمر بن الخطاب
إذا عرفنا هذا فنقول من أراد القران فتأهبه للإحرام كتأهب المفرد على ما بينا إلا أنه في دعائه بعد الفراغ من الركعتين يقول : اللهم إني أريد العمرة والحج . وكذلك يلبي بهما ويقول : لبيك بعمرة وحجة معا ، وإنما يقدم ذكر العمرة ; لأن الله تعالى قدمها في قوله تعالى { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج } ولأنه في أداء الأفعال يبدأ بالعمرة فكذلك في الإحرام يبدأ في التلبية بذكر العمرة ، وإن اكتفى بالنية ، ولم يذكرهما في التلبية أجزأه على قياس الصلاة إذا نوى بقلبه الصلاة وكبر