( قال ) بالمزدلفة حين ينشق له الفجر الثاني لحديث ويغلس بصلاة الفجر رضي الله عنه كما بينا ثم يغفي حتى إذا أسفر دفع قبل طلوع الشمس ، وهذا الوقوف واجب عندنا ، وليس بركن حتى إذا تركه لغير علة يلزمه دم ، وحجه تام ، وعلى قول ابن مسعود رحمه الله تعالى هذا الوقوف ركن لا يتم الحج إلا به ; لأنه مأمور به في كتاب الله تعالى قال الله تعالى { الليث بن سعد المشعر الحرام فاذكروا الله عند } ، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث عروة بن مضرس رحمه الله تعالى { } علق تمام حجه بهذا الوقوف فعرفنا أنه لا يتم إلا به . من وقف معنا هذا الموقف فقد تم حجه
( ولنا ) قوله صلى الله عليه وسلم { عرفة فمن وقف بعرفة فقد تم حجه } ، ولأنه يجوز ترك هذا الوقوف بعذر { الحج ضباعة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها كانت شاكية فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المصير إلى منى ليلة المزدلفة فأذن لها } ، وروي { فإن المزدلفة بليل } ، ولو كان ركنا لم يجز تركه لعذر ، وبهذا تبين أن هذا الوقوف مع الوقوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم ضعفة أهله من بعرفة بمنزلة طواف الزيارة مع طواف الصدر ثم طواف الصدر واجب ، وليس بركن ، ويجوز تركه بعذر الحيض فكذا هذا ، والمزدلفة كلها موقف إلا محسرا وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة ، وقد بينا الأثر المروي في هذا الباب فيما سبق .
( قال ) وأحب إلي أن يكون وقوفه بمزدلفة عند الجبل الذي يقال له قزح من وراء الإمام ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم اختار لوقوفه ذلك الموضع ، وقد بينا في الوقوف بعرفة أن الأفضل أن يقف من وراء الإمام قريبا منه ليؤمن على دعائه فكذلك في الوقوف بمزدلفة فإن تعجل من المزدلفة بليل فإن كان لعذر من مرض أو امرأة خافت الزحام فلا شيء عليه لما روينا ، وإن كان لغير عذر فعليه دم لتركه واجبا من واجبات الحج فإن فلا شيء عليه ; لأنه أتى بأصل الوقوف في وقته ، ولكنه مسيء فيما صنع لتركه امتداد الوقوف أفاض منها بعد طلوع الفجر قبل أن يصلي مع الناس