( قال ) : وإذا لزمته ويقضي ما بقي عليه من الأولى ويقيم حراما إلى أن يؤدي الحج بهذا الإحرام من قابل ; لأنه أحرم بعد مضي وقت الحج من السنة الماضية ، فينعقد إحرامه لأداء الحج به في السنة القابلة وعليه بجمعه بين الحجتين دم ; لأن إحرامه للحج باق ما لم يتحلل بالحلق والطواف والجمع بين إحرام الحجتين ممنوع عنه ، فإذا فعل ذلك لزمه الدم بالجمع المنهي عنه ، وهذا بخلاف ما إذا أهل بحجتين ; لأن الدم هناك يلزمه لرفض إحداهما ; لأن الجمع هناك لا يتحقق حين صار قاضيا لإحداهما وهنا يتحقق ; لأنه يؤدي ما بقي من أعمال الأولى من غير أن يصير رافضا للأخرى فلهذا لزمه للجمع بينهما دم ، وإن أهل الحاج صبيحة يوم النحر بحجة أخرى مكة فأدرك الوقوف بمزدلفة لم يكن مدركا للحج لقوله صلى الله عليه وسلم { قدم الحاج عرفة بليل فقد فاته الحج } ، ثم ذكر بعد هذا حكم من فاته ، وقد بينا ذلك ويستوي فيه إن أهل بهما معا أو بإحداهما ، ثم بالأخرى معا ; لأنه جامع بين الإحرامين في الحالين فإن رفض إحدى العمرتين ، ثم قضاها في العام القابل ومعها حجة فهو قارن ; لأن القران بالجمع بين الحجة والعمرة فكما أن كون الحج في ذمته لا يمنع تحقق القران فكذلك كون العمرة واجبة في ذمته . وكذلك إن أتى بهذه العمرة في أشهر الحج ، ثم حج من عامه ذلك فهو متمتع إن لم يكن ألم بأهله [ ص: 179 ] بين النسكين حلالا فإن ألم بأهله بين النسكين حلالا لم يكن متمتعا ، بلغنا ذلك عن الإهلال بحجتين أو بعمرتين ابن عمر رضي الله عنهم ، وهذا بخلاف القارن إن رجع إلى أهله بعد طواف العمرة ; لأنه إنما رجع محرما فلم يصح إلمامه بأهله فلهذا كان قارنا ، وقد بينا الفرق بين المتمتع الذي ساق الهدي وبين الذي لم يسق الهدي في حكم الإلمام بأهله ، وقد بينا الفرق أيضا في حكم المكي الذي قدم وسعيد بن المسيب الكوفة وبينا القران والتمتع . وروى عن ابن سماعة أن المكي إذا قدم محمد الكوفة إنما يجوز له أن يقرن إذا كان خروجه من الميقات قبل دخول أشهر الحج ، فأما إذا دخلت أشهر الحج قبل خروجه من الميقات فقد حرم عليه القران والتمتع فلا يرتفع ذلك بالخروج عن الميقات بعد ذلك