( قال ) : ولو جاز عندنا خلافا صام هذه الأيام الثلاثة بعد إحرامه للعمرة قبل إحرام الحجة رحمه الله تعالى ، وحجته ظاهر الآية ، قال الله تعالى { للشافعي فصيام ثلاثة أيام في الحج } وحين صام قبل أن يحرم بالحج فصومه هذا ليس في الحج ، وحجتنا في ذلك أن نقول : جعل الحج ظرفا للصوم وفعل الحج لا يصلح ظرفا للصوم فعرفنا أن المراد به الوقت كما قال الله تعالى { الحج أشهر معلومات } وهذا قد صام في وقت الحج بعد ما تقرر السبب ، وهو التمتع ; لأن معنى التمتع في أداء العمرة في سفر الحج في وقت الحج ، وقد وجد ذلك جائز إذا صام شهر رمضان وإن لم يصم حتى جاء يوم النحر تعين عليه الهدي عندنا ، وهو قول ، وأداء العبادة البدنية بعد وجود سبب وجوبها رضي الله تعالى عنه فإن رجلا أتاه يوم النحر ، فقال : إني تمتعت بالعمرة إلى الحج فقال : اذبح شاة فقال ليس معي شيء فقال : سل أقاربك فقال : ليس هنا أحد منهم فقال لغلامه يا عمر مغيث أعطه قيمة شاة ، وذلك لأن البدل كان مؤقتا بالنص فبعد فوات ذلك الوقت لا يكون بدلا فتعين عليه الهدي رحمه الله تعالى كان يقول في الابتداء يصوم أيام التشريق ، وهو مروي عن والشافعي ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما ، ولكن هذا فاسد فقد صح النهي عن الصوم في هذه الأيام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز أداء الواجب بها ولو كان عليه الهدي ; لأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالخلف ما إذا قدر على أصل الهدي بعد ما يحل يوم النحر ; لأن المقصود هو التحلل فإنما قدر على الأصل بعد حصول المقصود بالبدل ، وهو كالمتيمم إذا وجد الماء بعد الفراغ من الصلاة . وجد الهدي بعد صوم يومين من الثلاثة
وأما صوم السبعة ليس ببدل فيما هو مقصود ، وهو التحلل ألا ترى أن أوان أدائها بعد التحلل ووجوب الهدي لا يمنع أداءها ، والمراد من الرجوع المذكور في قوله تعالى { وسبعة إذا رجعتم } مضي أيام التشريق حتى إذا صام بعد مضيها قبل أن يرجع إلى أهله جاز عندنا ، ولا يجوز عند رحمه الله تعالى إلا أن ينوي [ ص: 182 ] المقام فحينئذ يجوز الصوم الشافعي