فصل في ذكر المسائل المعدودة رحمه الله تعالى إذا لأبي حنيفة فسدت صلاته في قول فرغ المصلي من تشهده ولم يسلم حتى انقضى وقت مسحه أو وجد في خفه شيئا فنزعه فانتقض به مسحه رحمه الله تعالى . وكذلك أبي حنيفة المتيمم إذا وجد الماء ومصلي الجمعة إذا خرج وقتها ومصلي الفجر إذا طلعت عليه الشمس والأمي إذا تعلم القراءة والعاري إذا وجد ثوبا والقارئ إذا استخلف أميا والمومئ إذا قدر على الركوع والسجود وصاحب والمصلي إذا تذكر الفائتة وكذلك المستحاضة الجرح السائل إذا برئ جرحه أو ذهب وقته . ومصلي الفائتة إذا تغيرت الشمس
وعلى قول أبي يوسف رحمهما الله تعالى قد مضت في جميع ذلك وخرج بها عنها وجازت عنه . فمن أصحابنا من قال هذه المسائل تبتني على أصل وهو أن الخروج من الصلاة بصنع المصلي فرض عند ومحمد رحمه الله وعندهما ليس بفرض واحتجاجهما بحديث أبي حنيفة رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { عبد الله بن عمر إذا رفع المصلي رأسه من آخر سجدة وقعد قدر التشهد فقد تمت صلاته } ولأنه بالاتفاق لو تكلم أو قهقه أو أحدث متعمدا أو حادث المرأة الرجل في هذه الحالة لم تفسد الصلاة ولو بقي عليه شيء من فرائض الصلاة لفسدت في هذه الأمور كما تفسد قبل القعدة رحمه الله تعالى أن هذه عبادة لها تحريم وتحليل فلا يخرج منها على وجه التمام إلا بصنعه كالحج وتقريره أن بعد التشهد لو أراد استدامة التحريمة إلى خروج الوقت أو إلى دخول صلاة أخرى منع منه ولو لم يبق عليه شيء من الصلاة لم يمنع من ذلك ، وتأويل الحديث أي قارب التمام كما قال من وقف ولأبي حنيفة بعرفة فقد تم حجه أي قارب التمام ، والكلام والحدث العمد والمحاذاة والقهقهة صنع من جهته ( فإن قيل ) فنزع الخف أيضا صنعه .
( قلنا ) هو [ ص: 126 ] صنع غير قاطع حتى أن غاسل الرجلين لو فعله في خلال الصلاة لا يضره ولهذا قيل تأويله فإن كان يحتاج إلى ذلك فصلاته تامة بالاتفاق ( فإن قيل ) فالاستخلاف أيضا صنعه ( قلنا ) نعم ولكنه صنع غير مفسد بدليل أنه لو استخلف القارئ في خلال الصلاة لم يضره ولكن هذا ليس بقوي لاستحالة أن يقال يتأدى فرض الصلاة بالكلام والحدث العمد ولو كان الخروج بصنع المصلي فرضا لاختص بما هو قربة كالخروج من الحج ولكن الصحيح إن كان الخف واسع الساق لا يحتاج في نزعه إلى المعالجة أن التحريمة باقية بعد الفراغ من التشهد ، واعتراض المغير للفرض في هذه الحالة كاعتراضه في خلال الصلاة بدليل أن المسافر لو نوى الإقامة في هذه الحالة يتغير فرضه كما لو نوى الإقامة في خلال الصلاة وهذه العوارض مغيرة للفرض بخلاف الكلام فإنه قاطع لا مغير والقهقهة والحدث العمد والمحاذاة مبطل لا مغير ( فإن قيل ) فطلوع الشمس في خلال الفجر مبطل لا مغير وقد جعلتموه على الاختلاف . لأبي حنيفة
( قلنا ) لا كذلك بل هو مغير للصلاة من الفرض إلى النفل فإنه لا يصير خارجا به من التحريمة ، وجميع ما بينا فيما إذا اعترض قبل السلام ، كذلك في سجود السهو أو بعد ما سلم قبل أن يتشهد أو بعد التشهد وقبل أن يسلم ; لأن التحريمة باقية فإن عرض له شيء من ذلك بعد ما سلم قبل أن يسجد للسهو فصلاته تامة .
أما عندهما فلا شك وعند رحمه الله تعالى ; لأنه بالسلام يخرج من التحريمة ولهذا لا يتغير فرض المسافر بنية الإقامة في هذه الحالة وكذلك إن كان يسلم إحدى التسليمتين ; لأن انقطاع التحريمة يحصل بتسليمة واحدة وهذا كله بناء على قولنا ، فأما عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى تفسد صلاته بالكلام والحدث العمد والعوارض المفسدة في هذه الحالة ; لأن الخروج بالسلام عنده من فرائض الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم { الشافعي } فكما أن التحريم من الصلاة مختص بما هو قربة فكذلك التحليل . وتحليلها التسليم
( ولنا ) حديث { رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علمه التشهد قال له إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك فإن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد ابن مسعود } ولأن التسليم خطاب منه للناس حتى لو باشره في خلال الصلاة عمدا تفسد صلاته وما يكون من أركان الصلاة لا يكون مفسدا للصلاة وتبين بهذا أن المراد بقوله { } الإذن بانقضائها فإن من تحرم للصلاة فكأنه غاب عن الناس لا يكلمهم ولا يكلمونه وعند التسليم يصير كالعائد إليهم فلهذا يسلم [ ص: 127 ] عليهم لا أن التسليم من أركان الصلاة ولو عرض له شيء من ذلك قبل أن يقعد قدر التشهد أعاد الصلاة ; لأن القعدة من الأركان لما روينا من حديث صلى الله عليه وسلم وتحليلها التسليم . وزعم بعض مشايخنا رحمهم الله تعالى أن القدر المفروض من القعدة ما يأتي فيه بكلمة الشهادتين والأصح أن المفروض قدر ما يتمكن فيه من قراءة التشهد إلى قوله عبده ورسوله فالتشهد إذا أطلق يفهم منه هذا . ابن مسعود ،
وفي الإملاء عن رحمه الله تعالى أن أبي يوسف رحمه الله تعالى كان يقول أولا في الأمي يتعلم السورة في خلال الصلاة أنه يقرأ ويبني كالقاعد يقدر أبا حنيفة القيام ثم رجع عن ذلك وقال إن صلاة الأمي ضرورة محضة حتى لا يجوز ترك القراءة مع القدرة في النفل والفرض فهو قياس المومئ يقدر على الركوع والسجود والله سبحانه وتعالى أعلم . علي