. قال ( ) وكان التثويب الأول في الفجر بعد الأذان الصلاة خير من النوم مرتين فأحدث الناس هذا التثويب وهو حسن . ولا يثوب في شيء من الصلاة إلا في الفجر
أما معنى التثويب لغة فالرجوع ومنه سمي الثواب لأن منفعة عمله تعود إليه ويقال ثاب إلى المريض نفسه إذا برأ فهو عود إلى الإعلام بعد الإعلام الأول بدليل ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { } إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله حصاص كحصاص الحمار فإذا فرغ رجع فإذا ثوب أدبر فإذا فرغ رجع فإذا أقام أدبر فإذا فرغ رجع وجعل يوسوس إلى المصلي أنه كم صلى
. فهذا دليل على أن التثويب بعد الأذان ، وكان التثويب الأول الصلاة خير من النوم لما روي أن رضي الله تعالى عنه أذن لصلاة الفجر ثم جاء إلى باب حجرة بلالا رضي الله تعالى عنها فقال الصلاة يا رسول الله فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها الرسول نائم فقال عائشة الصلاة خير من النوم فلما انتبه أخبرته بلال رضي الله تعالى عنها بذلك فاستحسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة
( قوله ) فأحدث الناس هذا التثويب إشارة إلى تثويب أهل الكوفة فإنهم ألحقوا الصلاة خير من النوم بالأذان وجعلوا التثويب بين الأذان والإقامة حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين .
قال ( إما بالتنحنح أو بقوله الصلاة الصلاة أو بقوله قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ) لأنه للمبالغة في الإعلام فإنما يحصل ذلك بما يتعارفونه . والتثويب في كل بلدة ما يتعارفونه
قال ( ولا تثويب إلا في صلاة الفجر ) لما روي أن رضي الله تعالى عنه رأى مؤذنا يثوب في العشاء فقال أخرجوا هذا المبتدع من المسجد عليا
ولحديث رضي الله تعالى عنه قال دخلت مع مجاهد رضي الله تعالى عنهما مسجدا نصلي فيه الظهر فسمع المؤذن يثوب فغضب وقال قم حتى نخرج من عند [ ص: 131 ] هذا المبتدع فما كان التثويب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في صلاة الفجر ابن عمر
. ولأن صلاة الفجر تؤدى في حال نوم الناس ولهذا خصت بالتطويل في القراءة فخصت أيضا بالتثويب لكي لا تفوت الناس الجماعة وهذا المعنى لا يوجد في غيرها وفسره الحسن عن رحمهما الله تعالى قال يؤذن للفجر ثم يقعد بقدر ما يقرأ عشرين آية ثم يثوب ثم يقعد مثل ذلك ثم يقيم أبي حنيفة
لحديث رضي الله تعالى عنه { بلال } وإنما استحسن التثويب لأن الدعاء إلى الصلاة في الأذان كان بهاتين الكلمتين فيستحسن التثويب بهما أيضا هذا اختيار المتقدمين وأما المتأخرون فاستحسنوا التثويب في جميع الصلوات لأن الناس قد ازداد بهم الغفلة وقلما يقومون عند سماع الأذان فيستحسن التثويب للمبالغة في الإعلام ومثل هذا يختلف باختلاف أحوال الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له إذا أذنت فأمهل الناس قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر من قضاء حاجته
. وقد روي عن رحمه الله تعالى أنه قال أبي يوسف فيأتي بابه فيقول السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين الصلاة يرحمك الله ; لأن الأمراء لهم زيادة اهتمام بأشغال المسلمين ورغبة في الصلاة بالجماعة فلا بأس بأن يخصوا بالتثويب لا بأس بأن يخص الأمير بالتثويب
، وقد روي عن رضي الله تعالى عنه أنه لما كثر اشتغاله نصب من يحفظ عليه صلاته غير أن عمر رحمه الله تعالى كره هذا وقال أفا محمدا حيث خص الأمراء بالذكر والتثويب لما روي أن لأبي يوسف رضي الله تعالى عنه حين حج أتاه مؤذن عمر مكة يؤذنه بالصلاة فانتهره وقال ألم يكن في أذانك ما يكفينا