وإذا أعتق الرجل عن حي أو ميت قريب أو أجنبي بإذنه أو بغير إذنه  ، فالعتق جائز عن المعتق ، والولاء له دون المعتق عنه في قول  أبي حنيفة   ومحمد    - رحمهما الله تعالى - أما إذا كان بغير إذنه فهو قول الكل ; لأنه ليس لأحد ولاية إدخال الشيء في ملك غيره بغير رضاه ، سواء كان قريبا أو أجنبيا حيا أو ميتا ، فإنما ينفذ العتق على ملك المعتق فيكون الولاء له ، وهذا بخلاف ما إذا تصدق الوارث عن مورثه فإن ذلك يجزيه ; لأن نفوذ الصدقة لا يستدعي ملك من تكون الصدقة عنه لا محالة ; ولأنه بالتصدق عنه يكتسب له الثواب ولا يلزمه شيئا ، وبالعتق يلزمه الولاء وليس للوارث أن يلزم مورثه الولاء بعد موته بغير رضاه ، فأما إذا كان بإذنه فعلى قول  أبي حنيفة   ومحمد    - رحمهما الله تعالى - كذلك ; لأن التمليك من المعتق عنه بغير عوض لا يحصل إلا بالقبض ، ولم يوجد وعلى قول  أبي يوسف  رحمه الله تعالى يكون الولاء للمعتق عنه ، وقد بينا في باب الظهار من كتاب الطلاق ، وكذلك إذا قال الرجل : أعتق عبدك على ألف درهم أضمنها لك ففعل  لم يكن العتق عن الأمر بخلاف ما لو قال أعتق عبدك عني على ألف    ; لأن هناك التمليك يندرج فيه ، وذلك يستقيم إذا كان في لفظه ما يدل عليه وهو قوله أعتقه عني ، فأما هنا فليس في لفظه ما يدل على التماس التمليك منه ، فلا يندرج فيه التمليك ، وبدونه يكون العتق عن المعتق دون الآمر وليس على الآمر من المال شيء ; لأنه ضمن ما ليس بواجب  [ ص: 100 ] على أحد ; ولأنه التزم له مالا بانتفاعه بملك نفسه وتحصيله الولاء لنفسه ، وهذا باطل قد بيناه في كتاب العتاق ، وإن كان أدى المال رجع عنه لأنه أدى بطريق الرشوة ، ولو أن امرأة تزوجت رجلا على أن يعتق أباها ففعل  فالولاء للزوج ولها مهر مثلها ، بخلاف ما إذا تزوجها على أن يعتق أباها عنها  ، فإن التمليك منها يندرج هناك فيتقرر فيها رقبة الأب صداقا لها ، وهنا لا يندرج التمليك حين لم يكن في اللفظ عليه دليل فيبقى النكاح بغير تسمية المهر ، فلها مهر مثلها . 
				
						
						
