فبيعه باطل ; لأنه استحق نفسه بالكتابة ، وفي بيعه إبطال هذا [ ص: 108 ] الحق الثابت له ، وقد صار بمنزلة الحر يدا فلا يقدر المولى على تسليمه بحكم البيع ومالية رقبته صار كالتاوي ; لأن حق المولى في بدل الكتابة دون مالية الرقبة ، فإن أعتقه المشتري بعد القبض فقبضه باطل وهو مكاتب على حاله ; لأنه مع بقاء الكتابة ليس بمحل للبيع كالحر والبيع لا ينفذ بدون المحل ، والملك لا يثبت بالقبض إذا لم يكن العقد منعقدا ، فلهذا كان عتق المشتري باطلا ، وإن قال المكاتب قد عجزت ، وكسر المكاتبة فباعه المولى ، فبيعه جائز ; لأن المكاتب يملك فسخ الكتابة بأن يعجز نفسه ، فإنما صادفه البيع من المولى وهو قن ، وكذلك لو باع المكاتب برضاه يجوز في ظاهر الرواية لما روينا من حديث رجل باع مكاتبا بريرة ; ولأنهما قصدا تصحيح البيع ، ولا وجه لذلك إلا بتقديم فسخ الكتابة فيتقدم فسخ الكتابة ليصح البيع ، وقد بينا ما في هذا الفصل من اختلاف الروايات فيما أمليناه من شرح الجامع .
، فإن ولاء الأمة للمولى ; لأن المولى وكيل عبده في قبض الألفين منها فتعتق هي بالأداء إليه ، ثم المولى يقبض إحدى الألفين لنفسه بعدما يقبضه للمكاتب ، فتبين بهذا أن عتقها يسبق عتق المكاتب ، ولو أدت إلى المكاتب فعتقت قبل عتق المكاتب كان ولاؤها للمولى ; لأن المكاتب ليس من أهل أن يثبت له الولاء فيخلفه مولاه في ذلك فهذا مثله ; ولأنا نعلم أن المكاتب لم يعتق قبلها ، وما لم يعتق قبلها لا يكون هو أهلا لولائها ، وليس للعبد المأذون له أن يعتق وإن أذن له مولاه فيه إذا كان عليه دين ; لأن كسبه حق غرمائه ، وكما لا يكون للمولى أن يعتق كسبه إذا كان عليه دين فكذلك لا يكون له أن يأذن للعبد فيه ، أو ينيبه مناب نفسه وإن فعل ، والدين على العبد يحيط بكسبه ورقبته ففي نفوذه اختلاف بين رجل كاتب عبده على ألف وهي حالة فكاتب العبد أمة على ألفين ، ثم وكل العبد مولاه بقبض الألفين منها على أن ألفا منها قضاء له من مكاتبته ففعل وصاحبيه - رحمهم الله تعالى - بناء على أن أبي حنيفة وهي مسألة المأذون ، وإن لم يكن عليه دين جاز ذلك منه بإذن المولى ; لأن المولى يملك مباشرته بنفسه فإن كسبه خالص ماله ، فيملك أن ينيب العبد مناب نفسه ، وكذلك الكتابة فإن المولى هل يملك كسب العبد المديون عتق وولاؤه للمولى دون العبد المعتق ; لأن العبد كان نائبا عن المولى في عقد الكتابة كالوكيل ، ألا ترى أن المولى هو الذي يقبض بدل الكتابة منه فإنما عتق عند الأداء على ملك المولى ، ولهذا كان الولاء له . كاتب عبدا بإذن المولى ثم أعتقه مولاه ثم أدى المكاتب المكاتبة
وهذا بخلاف ; لأن الثاني مكاتب من جهة الأول باعتبار حق الملك [ ص: 109 ] الذي له في كسبه وقد انقلب ذلك بالعتق حقيقة ملك ، وكان حق قبض البدل له فإنما عتق على ملك الأول فكان له ولاؤه وليس للعبد في كسبه ملك ولا حق ، وبعد عتقه يكون كسبه الذي اكتسبه في حالة الرق لمولاه مكاتب المكاتب إذا أدى بعدما أعتق الأول ; لأن وليه لا يملك مباشرة الكتابة في عبده دون العتق بمال ، فكذلك يصح إذنه في الكتابة دون العتق بمال ، وإذا أدى المكاتب إليه البدل فولاؤه للصبي ; لأنه عتق على ملكه ، وإذا ثبت أن الصبي من أهل ولاء العتق فكذلك ولاء الموالاة للصبي أن يقبل ولاء من يواليه بإذن وصيه أو أبيه ، ولهما أن يقبلا عليه هذا الولاء لما بينا أن عقد الولاء يتردد بين المنفعة والمضرة ، ومعنى المنفعة فيه أظهر ومثل هذا العقد يملكه الوصي على الصبي ، ويصح من الصبي بإذن الولي ; لأنه يتأيد رأيه بانضمام رأي الولي إليه كما في التجارات . ، وللصبي أن يكاتب عبده بإذن أبيه أو وصيه ، وليس له أن يعتقه على مال
وإن لم يجز عقد الموالاة ; لأن حق الاستبداد باعتبار ما ظهر له من العقل والتمييز يثبت فيما يتمحض منفعة له دون ما يتردد بين المنفعة والمضرة ، والإسلام يتمحض منفعة له فيصح منه ، وأما عقد الولاء متردد بين المنفعة والمضرة فلا يصح منه مباشرته ما لم ينضم رأي وليه إلى رأيه ، وكذلك إن فعله بإذن وليه الكافر ; لأنه لما حكم بإسلامه فلا ولاية للأب الكافر عليه بل هو كأجنبي آخر منه في مباشرة هذا العقد عليه ، فكذلك في الإذن له فيه . أسلم صبي على يدي رجل ووالاه