( قال ) ، وبلغنا عن رضي الله تعالى عنه أنه بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ حكمت علي الخوارج من ناحية المسجد فقال رضي الله عنه كلمة حق أريد بها باطل لن نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ، ولن نمنعكم الفيء مادام أيديكم مع أيدينا ، ولن نقاتلكم حتى تقاتلونا ثم أخذ في خطبته ، ومعنى قوله إذ حكمت علي الخوارج أي نادوا الحكم لله ، وكانوا يتكلمون بذلك إذا أخذ رضي الله عنه في خطبته ليشوشوا خاطره ، فإنهم كانوا يقصدون بذلك نسبته إلى الكفر لرضاه بالحكمين ، وتفويضه الحكم إلى علي أبي موسى رضي الله عنه ، ولهذا قال رضي الله عنه كلمة حق أريد بها باطل يعني أن ظاهر قول المرء الحكم لله حق ، ولكنهم يقصدون به الباطل ، وهو نسبته إلى الكفر ، ثم فيه دليل على أنهم ما لم يعزموا على الخروج ، فالإمام لا يتعرض لهم بالحبس والقتل ، فإن المتكلمين بذلك ما كانوا عازمين على الخروج عند ذلك فلهذا قال لن نمنعكم مساجد الله ، ولن نمنعكم الفيء ، وفيه دليل على أن التعريض بالشتم لا يوجب التعزير ، فإنه لم يعزرهم ، وقد عرضوا بنسبته إلى الكفر ، والشتم بالكفر موجب للتعزير ، وفيه دليل على أن علي الخوارج إذا كانوا يقاتلون الكفار تحت راية أهل العدل ، فإنهم يستحقون من الغنيمة ما يستحقه غيرهم [ ص: 126 ] لأنهم مسلمون ، وفيه دليل على أنهم يقاتلون دفعا لقتالهم ، فإنه قال : ولن نقاتلكم حتى تقاتلونا معناه حتى تعزموا على القتال بالتجمع والتحيز عن أهل العدل .