( وعن ) قال : قلت طاوس لجابر بن فهر : إنكم تزعمون أن حرام قال : كان لحم الحمار الأهلي الحكم بن عمرو يقول ذلك عندنا بالبصرة فأتى ذلك الخبر يعني رضي الله عنهما ، وفي حديث ابن عباس الحر بن غالب رضي الله عنه أنه { سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لم يبق لي من مالي إلا حميرات فقال صلى الله عليه وسلم : كل من سمين مالك ، فإني إنما نهيتكم عن خول القرية } واعتبروا الحمار الأهلي بالوحشي ، فإنه مأكول بالاتفاق ، وكل حيوان وحشيه مأكول فالأهلي من جنسه مأكول كالإبل والبقر ، وما لا يكون أهليه مأكولا فوحشيه لا يكون مأكولا كالكلب والسنور ، وحجتنا في ذلك ما روينا من الحديث فيه يتبين أنه ما كان حرمها يوم خيبر لقلة الظهر ; لأنه أمر بإكفاء القدور بعد ما صار لحما ليس فيه منفعة الظهر ، وما حرمها لأنها نهبة لم تخمس ، فإنه كان مأكولا فللغانمين حق التناول منه قبل الخمس كالطعام والعلف ، وما حرمها لأنها حول القربة ، مأخوذ من الحوال متناول الجيف كالجلالة ، فإنه خص الحمر الأهلية بذلك ، وفي هذا المعنى الحمار وغيره سواء فعرفنا أنه حرمها ألبتة .
( وقد ) { رضي الله عنه فنادى ألا إن الله تعالى ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية ، فإنها رجس أبا طلحة } وروى روى أنه أمر رضي الله عنهما { ابن عمر خيبر عن متعة النساء ، وعن الحمار الأهلي } ، ولما بلغ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى يوم رضي الله عنه فتوى عليا رضي الله عنهما بإباحة المتعة فقال له نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء ، وعن الحمر الأهلية زمن ابن عباس خيبر فترجح الآثار [ ص: 233 ] الموجبة للحرمة ، ثم لا حجة في حديث الحبر رضي الله تعالى عنه ، فإن معنى قوله صلى الله عليه وسلم : { } أي بعه ، واستنفق ثمنه فقد يقال فلان أكل عقاره ، والمراد هذا ، وقال القائل : كل من سمين مالك
إن لنا أحمرة عجافا يأكلن كل ليلة إكافا
، والمراد ثمن الإكاف ، وما نقلوه عن رضي الله عنهما لا يكاد يصح عنه ، والمشهور عنه أنه حرم الخيل والبغال والحمير فاستدل لذلك بالآية { ابن عباس لتركبوها وزينة } على ما تبين رضي الله عنها استدلت بعام دخله الخصوص بالاتفاق ، وقد ثبت النهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحم الحمار فكان دليل الخصوص في هذا العام ، واعتبار الأهلي بالوحشي ساقط ، فإنه لا مشابهة بينهما معنى ، والمشابهة صورة لا تكون دليل الحل ، وقد صح في الأثر أن { ، وعائشة النبي صلى الله عليه وسلم أباح تناول الحمار الوحشي } ، كما روي { أبا بكر رضي الله تعالى عنه أن يقسمه بين الرفاق . } ثم كما ورد الحديث بالأمر بالإكفاء للقدر في لحم الحمار فقد ورد مثله في الضب ، وهو حديث أن أعرابيا أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا عفيرا أو رجل حمار وحشي فأمر عبد الرحمن ابن حسنة قال : { } ومعلوم أن تضييع المال لا يحل ، فعرفنا أن الأمر بإكفاء القدور في الموضعين للحرمة . كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصابتنا مجاعة ، ونزلنا في أرض كثيرة الضباب فأخذناها ، وأن القدور لتغلي بها فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور