قال : ( ولو لم يحل ) ; لأن إرساله مع ترك التسمية عمدا فعل محرم ، فلا ينسخ إلا بما هو مثله أو فوقه ، والزجر دون الإرسال بخلاف ما إذا اتبع الصيد بغير إرسال صاحبه ثم زجره صاحبه وسمى ، فإن انزجر بزجره وأخذ الصيد حل ; لأن اتباعه لم يكن فعلا معتبرا ، فإن فعل العجماء غير معتبر إذا لم يكن بناء على إرسال آدمي ، فكان زجره بمنزلة ابتداء الإرسال ، وقد اقتربت التسمية به ، وعلى هذا الأصل إذا أرسل كلبه ، ولم يسم عمدا ثم زجره وسمى فانزجر ، وأخذ الصيد لم يضره ; لأن الإرسال من المسلم فعل موجب للحل ، فلا يرتفع إلا بما هو مثله ، والزجر دون الإرسال ، فلا يتغير به الحكم الثابت بالإرسال ، ولو كان المجوسي هو الذي أرسل لم ينفعه زجر المسلم ; لأن فعل المجوسي يحرم ، فلا يرتفع بزجر المسلم إياه لأنه دونه ، فأما إذا أرسل المسلم كلبه على صيد فزجره مجوسي فانزجر بزجره ، فإن لم ينزجر بزجر صاحبه لم يحل الصيد ; لأنه لا أثر لفعل المسلم فيأخذه ، وبدون الإرسال لا يحل ، وإن انزجر بزجر في القياس لا يحل أيضا ; لأن زجره ليس بإرسال ، فإن الإرسال يكون من يده ، ولم يكن في يده حين زجره ، وبدون الإرسال لا يحل صيد الكلب ، ولكنه استحسن ذلك فقال : لما انزجر بزجره يجعل ذلك بمنزلة ابتداء الإرسال ، والصياد قد يبتلى بهذا ; لأن الكلب ربما يرى الصيد ولا يراه صاحبه ، فلو انتظر إرساله ، فإنه فينبعث على أثره ، وينظر إلى صاحبه ليزجره حتى إذا زجره ، وكان بالقرب من الصيد فيتمكن من أخذه ، ثم انبعاثه لم يكن فعلا معتبرا ، فالحاجة إلى ابتداء الفعل لا إلى فسخ الفعل ، ولما انزجر بزجره جعل هذا ابتداء فعله بخلاف الأول ، فالحاجة هناك إلى فسخ فعل معتبر ، والفسخ لا يصلح لذلك ، وهو نظير ما قلنا فيمن انبعث الكلب والبازي على أثر الصيد بغير إرسال ثم زجره صاحبه فالضمان على الملقي ، وبمثله لو حفر بئرا في الطريق فألقى إنسان حجرا على شفيره فيعثر إنسان في الحجر حتى هوى في البئر فالضمان على الحافر ; لأنه لم يوجد من بعد فعله فعل معتبر فبقي حكم فعله بخلاف الأول . ثنى حجرا من [ ص: 240 ] شفير البئر أو جاء به سيل فيعثر به إنسان فوقع في البئر