قال : لم تجز الهبة إلا على قول رجل وهب لابنه الكبير عبدا ، وهو في عياله ، ولم يسلمه إليه أو وهب لزوجته ، فإنه يقول : من في عياله تحت يده فيقوم قبضه لهم مقام قبضهم - كما لو وهب لولده الصغير - والدليل عليه : أن الصغير إذا كان في عيال أجنبي فوهب - هو - له - أو غيره - هبة ، وقبضه من يعوله : تمت الهبة ، ولا نسب بينهما سوى أنه يعوله ، ولكنا نقول لا ولاية له على ولده البالغ ولا على زوجته فيما وراء حقوق النكاح وقبض الهبة ليس من حقوق النكاح في شيء ، وكان هو والأجنبي في ذلك سواء ; ولأنه متبرع بالإنفاق على ولده البالغ ، فهو كالغني إذا تبرع بالإنفاق على بعض المساكين ويعولهم ، فلا ينوب قبضه عن قبضهم في إتمام الصدقة والهبة ، بخلاف الأب في حق ولده الصغير ، فإنه وليه ، وهكذا نقول فيمن يعول يتيما : إنما يعتبر قبضه له إذا لم يكن لليتيم ولي يقبض له ، وهنا الموهوب له ولي نفسه ، فلا حاجة إلى قبض من يعوله في حقه ، كما إذا كان الصغير في عيال أجنبي ، وله أب أو جد ، فإنه لا يعتبر قبض من يعوله في إتمام الهبة له قال : وكل شيء ابن أبي ليلى ، وذلك الشيء معلوم : فهو جائز ، والقبض فيه بإعلام ما وهبه له ، والإشهاد عليه والإشهاد له ليس بشرط ، بل الهبة تتم بالإعلام . إلا أنه ذكر الإشهاد احتياطا للتحرز عن جحود سائر الورثة بعد موته ، أو عن جحوده بعد إدراك الولد . وهبه لابنه الصغير وأشهد عليه
أما إذا اتفقوا على ذلك فالهبة تامة بدون الإشهاد . وكذلك إن كان هذا الولد في عيال أمه ; لأن لها عليه نوع ولاية ; ألا ترى أنها تحفظه وتحفظ ماله ، وهذا القدر من الولاية يكفي لقبض الهبة . والصدقة في قياس الهبة ; لأن تمام كل واحد منهما بالقبض .