باب الصدقة قال : ( ) ، وقد بينا اختلاف الصدقة بمنزلة الهبة في المشاع ، وغير المشاع ، وحاجتها إلى القبض فيها إلا أنه لا رجوع في الصدقة إذا تمت ; لأن المقصود بها نيل الثواب - وقد حصل - وإنما الرجوع عند تمكن الخلل فيما هو المقصود ، ويستوي إن تصدق على غني ، أو فقير في أنه لا رجوع له فيها . ومن أصحابنا - رحمهم الله من يقول : الصدقة على الغني والهبة سواء إنما يقصد به العوض - دون الثواب - ; ألا ترى أن في حق الفقير جعل الهبة والصدقة سواء في أن المقصود الثواب ، فكذلك في حق الغني : الهبة والصدقة سواء فيما هو المقصود ، ثم له أن يرجع في الهبة فكذلك في الصدقة ، ولكنا نقول : ذكره لفظ الصدقة يدل على أنه لم يقصد العوض ، ومراعاة لفظه أولى من مراعاة حال المتملك . ثم التصدق على الغني يكون قربة يستحق بها الثواب فقد يكون غنيا يملك نصابا ، وله عيال كثيرة ، والناس يتصدقون على مثل هذا لنيل الثواب ; ألا ترى أن عند اشتباه الحال يتأدى الواجب من الزكاة بالتصدق عليه ولا رهن ولا رجوع فيه - بالاتفاق - فكذلك عند العلم بحاله : لا يثبت له حق الرجوع عليه . ابن أبي ليلى