( قال ) ولا يمنعك قضاء قضيت بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت لرشدك أن تراجع الحق فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل ، وفيه دليل أنه إذا فعليه أن ينقضه ولا ينبغي أن يمنعه الاستحياء من الناس من ذلك فإن مراقبة الله تعالى في ذلك خير له وإلى ذلك أشار تبين للقاضي الخطأ في قضائه بأن خالف قضاؤه النص أو الإجماع رضي الله عنه حين ابتلي بالحديث في الصلاة ، الحديث إلى أن قال - كدت أن أمضي في صلاتي استحياء منكم ، ثم قلت لأن أراقب الله تعالى خير من أن أراقبكم فمن ابتلي بشيء من ذلك فليراقب الله تعالى ، وهذا ليس في القاضي خاصة بل هو في كل من يبين لغيره شيئا من أمور الدين الواعظ والمفتي والقاضي في ذلك سواء إذا تبين له أنه زل فليظهر رجوعه عن ذلك فزلة العالم سبب لفتنة الناس كما قيل إن زل العالم زل بزلته العالم ، ولكن هذا في حق القاضي أوجب ; لأن القضاء ملزم وقوله الحق قديم يعني هو الأصل المطلوب ، ولأنه لا تنكتم زلة من زل بل يظهر لا محالة . فإذا كان هو الذي يظهره على نفسه كان أحسن حالا عند العقلاء من أن تظهر ذلك عليه مع إصراره على الباطل . عمر