باب الاستحلاف
( قال رحمه الله اعلم بأن المدعى عليه يستحلف في الخصومات ثبت ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم { } إلا أنه واليمين على ما أنكر ) ; لأن اليمين حقه { لا يستحلف إلا بطلب المدعي } وكما لا يستحضر ولا يطلب الجواب إلا بطلب المدعي . فكذلك لا يستحلف إلا بطلبه ومعنى جعل الشرع اليمين حقا للمدعي قبل المدعى عليه أن الغموس من اليمين مهلكة على ما روي في حديث قال صلى الله عليه وسلم للمدعي لك يمينه أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { } وعن من اقتطع بيمينه وجدله مال امرئ مسلم حرم الله تعالى عليه الجنة قيل فإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله قال صلوات الله وسلامه عليه ، وإن كان قضيبا من أراك رضي الله عنه { ابن مسعود } فعرفنا أنه يمين مهلكة والمدعي يزعم أن المنكر أتلف حقه بجحوده فجعل له الشرع يمينه حتى تكون مهلكة له إن كان كما زعم المدعي فالإهلاك بمقابلة الإهلاك جزاء مشروع كالقصاص ، وإن كان كما زعم المدعى عليه فلا يضره اليمين الصادقة فهذا تحقيق معنى العدل في شرع اليمين حقا للمدعي قبل المدعى عليه ، ثم له رأي في أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف يمينا فاجرة ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله تعالى وهو عليه غضبان فربما يرجو أن يحضر شهوده ولا يأمن أن تكون خصومته عند قاض لا يرى قبول البينة بعد الاستحلاف فيؤخر استحلافه لذلك ; فلهذا لا يحلف إلا بطلب المدعي . ولأن من أصل تأخير الاستحلاف رحمه الله أنه لا يحلف الخصم إذا زعم المدعي أن شهوده حضور أبي حنيفة وعندهما إذا كان الشهود في مجلس القضاء والمدعي [ ص: 117 ] هو الذي يعرف ذلك ; فلهذا لا يستحلف إلا بطلبه ، ثم شرط رحمه الله للاستحلاف أن لا يكون للمدعي شهود حضور لظاهر { أبو حنيفة } ، ولأن المنكر إنما يكون متلفا حق المدعي بإنكاره إذا لم يكن له شهود حضور قوله صلى الله عليه وسلم للمدعي ألك بينة فقال لا فقال صلى الله عليه وسلم إذن لك يمينه