قال : ولو
nindex.php?page=treesubj&link=23970_14724وكله بأن يشتري له دار فلان بألف درهم ، فاشترى صحراء ليس فيها بناء - فهو جائز ; لأن الدار اسم لما يدار عليه الحائط ، مبنيا كان أو غير مبني ; والعرب يطلقون اسم الدار على الصحراء التي لم يبق فيها إلا أثر ، قال القائل :
يا دار مية بالعلياء فالسند
وقال الآخر :
عفت الديار محلها فمقامها
وهذا بخلاف ما لو أمره بأن يشتري له بيتا ، فاشترى أرضا لم يكن فيه بناء - لم يجز على الآمر ; لأن البيت اسم لما يبات فيه ، وذلك في المبني خاصة ، ثم الإنسان قد يشتري الدار غير مبنية ; ليبنيها على مراده ، فلم يكن فيما اشتراه الوكيل معنى المخالفة لمقصود الآمر ، بخلاف البيت فإنه يشتريه لينتفع به ، ولا يحتاج إلى تخلق بنائه ، وهذا المعنى لا يحصل في غير المبني ، فإذا صح
[ ص: 65 ] شراء الدار للآمر ، وهلك المال عند الوكيل فقال الآمر : هلك قبل أن تشتري ، وقال الوكيل : هلك بعد ما اشتريتها - فالقول قول الآمر لإنكاره بقاء الوكالة عند الشراء بمنزلة ما لو أنكر التوكيل أصلا ; ولأن الوكيل يدعي لنفسه الثمن في ذمة الموكل وهو منكر لذلك ، فالقول قوله مع يمينه ، ويحلف على العلم ; لأنه استحلاف على فعل الغير ، وهو الشراء به قبل الهلاك أو بعده ، ولو لم يهلك ونقده البائع فاستحقه رجل فضمن الوكيل رجع به على الآمر ; لأنه كان عاملا له فيما قبض من الثمن ونقد
وإن ضمن البائع رجع به على الوكيل ; لأن المقبوض من الثمن لم يسلم له - رجع الوكيل على الآمر بكونه عاملا له ، ولو لم يستحق ، ولكن جحد البائع أن يكون القبض قبض الثمن ، فالقول قوله مع يمينه ، فإذا حلف رجع به على الوكيل ، ولم يرجع به الوكيل على الآمر ، لأنه مقر أنه استوفى الثمن من الآمر ، ونقده البائع ، ثم ظلمه البائع بتغريمه الثمن مرة أخرى ، فليس له أن يظلم الآمر إن ظلمه غيره ، ولو لم ينقده البائع ، حتى هلك عند الوكيل فأخذه من الآمر ثانية فهلك عنده ; لم يرجع به على الآمر ويضمن الثمن من عنده للبائع ; لأن بالشراء وجب الثمن للبائع على الوكيل وللوكيل على الآمر ، فإذا قبضه الوكيل بعد الشراء صار به مستوفيا دين نفسه ، فدخل المقبوض في ضمانه وكان هلاكه عليه بخلاف ما لو قبضه قبل الشراء ، فإنه ما استوجب على الآمر شيئا بعد ، وكان في ذلك القبض عاملا للآمر لا لنفسه ، والفرق بين هذا وبين المضاربة قد بيناه فيما أمليناه من شرحه
قَالَ : وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=23970_14724وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ دَارَ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَاشْتَرَى صَحْرَاءَ لَيْسَ فِيهَا بِنَاءٌ - فَهُوَ جَائِزٌ ; لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِمَا يُدَارُ عَلَيْهِ الْحَائِطُ ، مَبْنِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَبْنِيٍّ ; وَالْعَرَبُ يُطْلِقُونَ اسْمَ الدَّارِ عَلَى الصَّحْرَاءِ الَّتِي لَمْ يَبْقَ فِيهَا إلَّا أَثَرٌ ، قَالَ الْقَائِلُ :
يَا دَارَ مَيَّةَ بِالْعَلْيَاءِ فَالسَّنَدِ
وَقَالَ الْآخَرُ :
عَفَتْ الدِّيَارُ مَحِلُّهَا فَمُقَامُهَا
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بَيْتًا ، فَاشْتَرَى أَرْضًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ بِنَاءٌ - لَمْ يَجُزْ عَلَى الْآمِرِ ; لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِمَا يُبَاتُ فِيهِ ، وَذَلِكَ فِي الْمَبْنِيِّ خَاصَّةً ، ثُمَّ الْإِنْسَانُ قَدْ يَشْتَرِي الدَّارَ غَيْرَ مَبْنِيَّةٍ ; لِيَبْنِيَهَا عَلَى مُرَادِهِ ، فَلَمْ يَكُنْ فِيمَا اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ مَعْنَى الْمُخَالَفَةِ لِمَقْصُودِ الْآمِرِ ، بِخِلَافِ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ يَشْتَرِيهِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَخَلُّقِ بِنَائِهِ ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَحْصُلُ فِي غَيْرِ الْمَبْنِيِّ ، فَإِذَا صَحَّ
[ ص: 65 ] شِرَاءُ الدَّارِ لِلْآمِرِ ، وَهَلَكَ الْمَالُ عِنْدَ الْوَكِيلِ فَقَالَ الْآمِرُ : هَلَكَ قَبْلَ أَنْ تَشْتَرِيَ ، وَقَالَ الْوَكِيلُ : هَلَكَ بَعْدَ مَا اشْتَرَيْتُهَا - فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ لِإِنْكَارِهِ بَقَاءَ الْوَكَالَةِ عِنْدَ الشِّرَاءِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَنْكَرَ التَّوْكِيلَ أَصْلًا ; وَلِأَنَّ الْوَكِيلَ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ الثَّمَنَ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ ، وَيَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ ; لِأَنَّهُ اسْتِحْلَافٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ ، وَهُوَ الشِّرَاءُ بِهِ قَبْلَ الْهَلَاكِ أَوْ بَعْدَهُ ، وَلَوْ لَمْ يَهْلَكْ وَنَقَدَهُ الْبَائِعُ فَاسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ فَضَمِنَ الْوَكِيلُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْآمِرِ ; لِأَنَّهُ كَانَ عَامِلًا لَهُ فِيمَا قَبَضَ مِنْ الثَّمَنِ وَنَقَدَ
وَإِنْ ضَمِنَ الْبَائِعُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْوَكِيلِ ; لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ - رَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ بِكَوْنِهِ عَامِلًا لَهُ ، وَلَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ ، وَلَكِنْ جَحَدَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ قَبْضَ الثَّمَنِ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ ، فَإِذَا حَلَفَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْوَكِيلِ ، وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ ، لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى الثَّمَنَ مِنْ الْآمِرِ ، وَنَقَدَهُ الْبَائِعُ ، ثُمَّ ظَلَمَهُ الْبَائِعُ بِتَغْرِيمِهِ الثَّمَنَ مَرَّةً أُخْرَى ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَظْلِمَ الْآمِرَ إنْ ظَلَمَهُ غَيْرُهُ ، وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ الْبَائِعُ ، حَتَّى هَلَكَ عِنْدَ الْوَكِيلِ فَأَخَذَهُ مِنْ الْآمِرِ ثَانِيَةً فَهَلَكَ عِنْدَهُ ; لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ مِنْ عِنْدِهِ لِلْبَائِعِ ; لِأَنَّ بِالشِّرَاءِ وَجَبَ الثَّمَنُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْوَكِيلِ وَلِلْوَكِيلِ عَلَى الْآمِرِ ، فَإِذَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ صَارَ بِهِ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَ نَفْسِهِ ، فَدَخَلَ الْمَقْبُوضُ فِي ضَمَانِهِ وَكَانَ هَلَاكُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ ، فَإِنَّهُ مَا اسْتَوْجَبَ عَلَى الْآمِرِ شَيْئًا بَعْدُ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْقَبْضِ عَامِلًا لِلْآمِرِ لَا لِنَفْسِهِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُضَارَبَةِ قَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا أَمْلَيْنَاهُ مِنْ شَرْحِهِ