ولو فهو جائز ; لأن المصالح عليه مقدور التسليم معلوم فإن مات العبد قبل أن يخدمه بطل الصلح لتحقق فوات المعقود عليه لا على عوض فيعود على رأس الدعوى ، وإن مات بعد ما خدمه نصف الشهر كان على دعواه في النصف اعتبارا للبعض بالكل ولو قتله أجنبي فعلى قول ادعى حقا في دار في يدي رجل فصالحه من ذلك على خدمة عبد بعينه شهرا رحمه الله لا يبطل الصلح ولكن للمدعي الخيار إن شاء أبطل الصلح وعاد على رأس الدعوى ، وإن شاء أمضى الصلح واشترى له بالقيمة عبدا آخر ليخدمه وقال أبي يوسف رحمه الله : الصلح باطل وجه قوله أن الصلح على المنفعة بمنزلة الإجارة ولو قتل العبد المستأجر بطل عقد الإجارة فكذلك إذا قتل العبد الذي وقع الصلح على خدمته وهذا ; لأن حق المصالح في المنفعة ، والقيمة الواجبة على القاتل بدل العين لا بدل المنفعة فقد فات المعقود عليه لا إلى عوض وهو نظير موت العبد ولأن الصلح عقد محتمل للفسخ ودفع الضرر عن [ ص: 146 ] المدعي ممكن بالإعادة إلى رأس الدعوى فلا حاجة بنا إلى أن نقيم بدل العين مقام بدل المنفعة في إيفاء هذا العقد بخلاف الوصية فإن العبد الموصى بخدمته إذا قتل لا تبطل الوصية ; لأن دفع الضرر عن الموصى له هناك غير ممكن بإعادة عوضه إليه فلأجل الضرورة أقمنا بدل العين مقام بدل المنفعة ولأن العبد من وجه كأنه موصى به ولهذا يعتبر خروجه من الثلث محمد رحمه الله وأبو يوسف
يقول المصالح ملك المنفعة بعقد يجوز أن يملك به العين فإذا هلكت العين وأخلفت بدلا لا يبطل الصلح كالعبد الموصى بخدمته إذا قتل لا تبطل الوصية ولكن يشتري بقيمته عبدا آخر ليخدم الموصى له بخلاف الإجارة وهي ملك المنفعة بعقد لا يجوز أن تملك به العين فلا يمكن إقامة بدل العين هناك مقام بدل المنفعة في الاستحقاق بحكم ذلك العقد وإذا كان العقد بحيث يجوز أن يملك به العين يمكن إقامة بدل العين فيه مقام بدل المنفعة في إيفاء العقد ، ثم الصلح على الإنكار في معنى الوصية ; لأنه ليس بإزاء المنفعة بدل يستقر وجوبه باستيفاء المنفعة كما في الوصية بخلاف الإجارة فإن قيل كيف يستقيم هذا والمصالح هناك له أن يؤاجر العبد من غيره وفي الوصية الموصى له بالخدمة لا يملك أن يؤاجره من غيره قلنا إنما ملك ذلك ; لأن الصلح على الإنكار مبني على زعم المدعي وهو يزعم أنه ملك المنفعة بعوض فالصلح على الإنكار بمنزلة عقد المفاوضة فإذا تملك المنفعة به ملك أن يؤاجره من غيره ، وإن كان لا يستقر وجوب البدل باستيفاء المنفعة كما إذا ملك المنفعة بالخلع أو النكاح أو الصلح عن القود
توضيحه إن هذا العقد من وجه يشبه الإجارة وهو أن المنفعة تملك بعوض ومن وجه يشبه الوصية وهو أن باستيفاء المنفعة لا يستقر وجوب عوض فلشبهه بالإجارة قلنا يملك أن يؤاجره من غيره ولشبهه بالوصية قلنا لا يبطل بالقتل وتقوم قيمته مقام عينه ; لأن المقصود بهذا العقد قطع المنازعة بينهما وذلك واجب بحسب الإمكان ابتداء وبقاء لما في امتدادها من الفساد وإنما أثبت الخيار للمدعي لحصول التغير لا في ضمانه فالمنفعة لا تدخل في ضمانه قبل الاستيفاء وعلى هذا لو كان القاتل هو المدعى عليه تجب القيمة أيضا ; لأنه وإن كان مالكا للعبد فالمصالح قد صار أحق به منه فهو في وجوب القيمة عليه بالقتل كأجنبي آخر عند رحمه الله كالراهن إذا قتل المرهون أو الوارث إذا قتل العبد الموصى بخدمته ، وإن كان أبي يوسف فهو على الخلاف أيضا ; لأنه أجنبي من الرقبة فيلزمه من القيمة بالقتل ما يلزم غيره واختلف مشايخنا رحمهم الله في ثبوت الخيار للمصالح في هذا الفصل عند [ ص: 147 ] المصالح هو الذي قتل العبد رحمه الله فمنهم من يقول يثبت كما إذا قتله أجنبي آخر وإلا وجه أن لا يثبت ; لأن التغيير حصل بفعله هنا وهو راض بفعله لا محالة وهذا على أصل أبي يوسف رحمه الله مستقيم فقد قال : أبي يوسف وهذا على أصل إذا جنى البائع على المبيع وهو في يد المشتري فهو غير ثابت لا محالة رحمه الله لا يسقط به خيار المشتري بخلاف ما إذا جنى عليه غيره وعلى هذا لو أبي يوسف بغداد فإن هذه منفعة يجوز استحقاقها بالإجارة والوصية فكذلك بالصلح صالحه على لبس هذا الثوب شهرا أو على أن يركب دابته هذه إلى