ولو أن لم يجز له ذلك في القضاء ، ومن خاصمه من الناس فيه هدمه ; لأن موضع الفرات حق العامة بمنزلة الطريق العام ، ولو رجلا بنى حائطا من حجارة في الفرات ، واتخذ عليه رحا يطحن بالماء كان لكل واحد أن يخاصمه في ذلك ، ويهدمه فأما بينه وبين الله تعالى فإن كان هذا الحائط الذي بناه في الفرات يضر بمجرى السفن أو الماء بأن لم يسعه وهو فيه أثم ، وإن كان لا يضر بأحد فهو في سعة من الانتفاع بمنزلة الطريق العام إذا بني فيه بناء فإن كان يضر بالمارة فهو آثم في ذلك لقوله عليه الصلاة والسلام { بنى رجل في الطريق العام } ، وإن كان لا يضر بهم فهو في سعة من ذلك ، لا ضرر ، ولا ضرار في الإسلام ; لأن الحق فيه للناس كافة فالمسلم والذمي في هذه الخصومة سواء ( ألا ترى ) أن للذمي حق المرور في الطريق كما للمسلم فكان له في هذه الخصومة من المنفعة مثل ما للمسلم ، وكذلك النساء ، والمكاتبون ، وأما العبد فلا خصومة له في ذلك ; لأن العبد تبع لمولاه فلا حق له في الانتفاع بالطريق ، والفرات مقصود بنفسه بخلاف المكاتب ، والمرأة فهما في ذلك كالحر ، والصبي بمنزلة العبد تبع لا خصومة له في ذلك ، والمغلوب ، والمعتوه كذلك إلا أن يخاصم عنه أبوه أو [ ص: 201 ] وصيه ، ولا فائدة في هذا الجواب الذي قال أنه يخاصم عن الصبي والمجنون أبوه أو وصيه ; لأنهما يخاصمان في ذلك عن أنفسهما ، وإن كانا قد أسقطا حقهما فهذا مما لا يسقط بالإسقاط فلا معنى لخصومتهما على وجه النيابة ، وهما يملكان ذلك عن أنفسهما . ومن خاصمه من مسلم أو ذمي قضى عليه بهدمه