قال : وإذا بدئ بالعتق في قولهم جميعا ; لأن سبب هذه الوصايا استوى في القوة ، وهو أن يجعل ذلك تبرع ، وهذا دليل تصدق الرجل في مرضه على رجل بألف درهم فقبضها ، ووهبها لذي رحم محرم منه ، وقبضها ، وهو غير وارث ثم أعتق عبدا ثم مات رحمه الله في أنه ينظر إلى السبب دون الحكم فإن الهبة لذي الرحم المحرم ، والصدقة لا رجوع فيها بخلاف سائر الوصايا ثم مع ذلك يستوي بينهما ، وبين سائر الوصايا إلا أنهما يقولان التصدق والهبة تمليك فيكون محتملا للرجوع فيه إلا أن حصول المقصود به ، وهو نيل الثواب وصلة الرحم لا يرجع فيه لا أنه غير محتمل للفسخ بخلاف العتق فإنه إسقاط للرق والمسقط يتلافى ما يتصور فلا يتصور الرجوع فيه ، ولو لم يعتق مع الهبة والصدقة ، ولكنه حابى فعلى قول لأبي حنيفة رحمه الله يبدأ بالمحاباة على كل حال ; لأن سببه عقد الضمان فيكون مقدما على التبرع ، وإن كان من أصله تقديم المحاباة على العتق إذا بدأ بها فلأن يقدم على سائر الوصايا أولى ، أبي حنيفة وعندهما يتحاصان صاحب المحاباة وصاحب الهبة والصدقة ; لأن المحاباة عندهما كغيرها من الوصايا سوى العتق ، وقد استوت في الحكم فإن الموصي لا ينفرد بفسخ الهبة والصدقة كما لا ينفرد بفسخ البيع الذي فيه المحاباة فيتحاصون في الثلث ، والله أعلم بالصواب
.