وعد ابن الماجشون من الأركان الوقوف بالمشعر ذكره في المقدمات ، وفي رسم ليرفعن أمره إلى السلطان ، ولفظه في الرسم المذكور ، وذهب ابن الماجشون إلى أنه من فرائض الحج لا يجزئ عنه الدم لقوله : عز وجل { ، فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام } ، والدليل على أنه غير واجب تقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعفة أهله بليل ، ولم يفعل ذلك بعرفة مع أن الحاجة إليه بعرفة أمس انتهى .
، وقال في التوضيح : وحكى اللخمي عنه أي ابن الماجشون أنه لو ترك الوقوف بالمشعر الحرام لا شيء عليه ، ولعل له قولين انتهى .
ولفظ اللخمي واختلف في ثلاثة مواضع : الأول : إذا عرفة إلى منى ، ولم ينزل بالمزدلفة فقال دفع من : عليه الدم ، وإن نزل بها ثم دفع أول الليل أو وسطه فلا دم عليه ، وقال مالك عبد الملك بن الماجشون في المبسوط : لا دم عليه ، وإن دفع من عرفة إلى منى انتهى .
ثم قال : والثالث : إذا بالمزدلفة ، ولم يقف بالمشعر الحرام فقال نزل مالك وابن القاسم : لا هدي عليه ، وإن بمزدلفة عليه الدم وجعلوا النزول بها أوكد من الوقوف بالمشعر الحرام ، وقال وقف بالمشعر الحرام ، ولم ينزل عطاء وغيرهما : عليه الدم ، وقال وابن شهاب علقمة والشعبي : إذا لم يقف بالمشعر فقد فاته الحج انتهى . والنخعي
فأنت تراه لم يصرح عن ابن الماجشون بأنه لو ترك الوقوف بالمشعر لا شيء عليه ، وإنما فهمه المصنف عنه مما تقدم عنه ، ويدل على ذلك أن المصنف لما تكلم على بمزدلفة ، وذكر الخلاف في لزوم الدم قال : والقول بالسقوط ترك المبيت لابن الماجشون ، وهو مما يبين لك أن قوله : اختلف في انتهى وكذلك فهم الوقوف بالمشعر الحرام هل هو ركن أم لا ؟ القباب أن نقل اللخمي مخالف لنقل ابن رشد وكذلك أبو إبراهيم الأعرج قال : لعل له قولين نقله عنه ابن فرحون في مناسكه ، وإذا علم ذلك فليس ما فهموه بظاهر ; لأن النزول بمزدلفة غير الوقوف بالمشعر ، وقد ذكر اللخمي كل واحد منهما على حدته ، وكذلك غيره فيمكن أن يكون ابن الماجشون يقول بركنية الوقوف بالمشعر وعدم لزوم الدم بترك النزول ، وقد قال الحنفية بأن المبيت سنة لا يجب بتركها دم ، والوقوف بالمشعر واجب يجب بتركه الدم هكذا نقل عنهم ابن جماعة في منسكه الكبير ، فإنه ذكر عنهم في الباب الحادي عشر أن المبيت بمزدلفة سنة وحكى في آخر الباب [ ص: 9 ] الثاني عشر أن الوقوف بمزدلفة عندهم واجب قال : والواجب عندهم منجبر بالدم إلا ركعتي الطواف ، والفرض لا ينجبر بالدم ، وغيرهما لا يحتاج إلى جابر ، والله أعلم .
وقد عدهما أيضا ابن الفرس في أحكام القرآن فرعين ، وقال بعد ذكره عن علقمة والشعبي أن من لم يقف بجمع فاته الحج ويجعل إحرامه في عمرة إلا أن والنخعي رد عليهم بأن قوله تعالى { الطحاوي فاذكروا الله عند المشعر الحرام } ليس فيه دليل على وجوب الوقوف ; لأنه إنما أمر تعالى بالذكر ، وقد أجمع على عدم وجوبه ، فإذا لم يجب الذكر المأمور به فأحرى أن لا يجب الوقوف ، وهذا القول الذي رده هو قول الطحاوي ابن الماجشون انتهى .
وذكر هذا القول عن الأوزاعي ، وذكر ابن الحاج في مناسكه عن ابن عبيد أنه يقول به ، وهو من أصحابنا قاله ابن فرحون في مناسكه