ص ( وكره قبله كمكانه ، وفي رابغ تردد وصح )
ش : أي : وكره كما يكره الإحرام سواء كان بحج أو عمرة أو بهما قبل ميقاته المكاني وتردد المتأخرون من الشيوخ في الإحرام بالحج قبل ميقاته الزماني رابغ هل هو متقدم على الميقات فيكره الإحرام منه أو هو أول الميقات فلا يكره بل يكون هو المطلوب ثم إن الإحرام يصح وينعقد في الصورتين المذكورتين ، وإن كان مكروها أعني فيما إذا أحرم بالحج قبل أشهره ، وفيما إذا هذا معنى كلامه ، وقول أحرم قبل الميقات المكاني ابن الفرات أي : وصح الإحرام من رابغ غير ظاهر ، والصواب : حمله على ما ذكرنا ; لأنه أعم فائدة فأما المسألة الأولى وهي من أحرم بالحج قبل ميقاته الزماني ، فما ذكره من أنه يكره ذلك ، ويصح إن وقع فهو : المشهور في المذهب ، ومذهب في المدونة قال فيها : وكره مالك أن يحرم أحد قبل أن يأتي ميقاته أو يحرم بالحج قبل أشهر الحج ، فإن فعل في الوجهين جميعا لزمه ذلك انتهى . مالك
وصرح غير واحد بأنه : المشهور ومقابله ذكره اللخمي ، ولم يعزه ، ونصه : واختلف إذا عقد الإحرام بالحج قبل حلول شوال فقال ينعقد إحرامه ويكون في حج بمنزلة من عقد ذلك بعد حلوله ، وقيل : لا ينعقد ; لأنه بمنزلة من قدم الظهر قبل الزوال ويتحلل بعمرة ; لأن شوالا ، ما بعده إلى الزوال من يوم مالك عرفة محل للإحرام والطواف والسعي وليس للوقوف بعرفة ، ولو لم يعد الإحرام خاصة ، ولو كان المحرم وما بعده من شهور السنة إلى شوال محلا للإحرام والطواف والسعي ، ولم يكن للآية فائدة ، ولا لاختصاص الذكر بالأشهر للإحرام والسعي فائدة إذا كان غيرها من الشهور بمنزلتها ، وأما قوله : يتحلل بعمرة فاستحسان ، وهو بمنزلة من أحرم قبل شوال ثم قدم مراهقا ، فإنه يستحب له أن ينصرف على شفع قال دخل في صلاة ثم ذكر أنه صلاها ابن القاسم : فإن قطع فلا شيء عليه انتهى .
يعني ، فإن قطع الصلاة فلا شيء عليه ، وليس راجعا للإحرام بالحج ; إذ لا نص لابن القاسم في ذلك وقوله : إنه بمنزلة من دخل في صلاة ثم ذكر أنه صلاها فيه نظر ; لأنه ليس مثله بل إنما يشبه من أحرم بصلاة قبل دخول وقتها فتأمله ، والله أعلم .
وانظر قوله : ولو أحرم قبل شوال إلى آخره ، فإنه غير بين لم أفهمه ، والقول بعدم الانعقاد قبل أشهر الحج قال ابن فرحون : قاله أيضا ، ولم أر من عزاه مالك غيره ، والأصل في ذلك قوله تعالى { لمالك الحج أشهر معلومات } وذلك ; لأنه مبتدأ وخبر فيجب أن يرجعا لغير واحد ، والأشهر زمان ، والحج ليس بزمان فيتعين حذف أحد المضافين تصحيحا للكلام تقديره زمان الحج أو أشهر الحج ، أو وقت الحج أشهر معلومات أو يقدر الحج ذو أشهر معلومات فيحذف المبتدأ وخبره ثم المبتدأ يجب حصره في الخبر فيجب انحصار الحج في الأشهر فيكون الإحرام به قبلها كالإحرام بالظهر قبل الزوال فلا ينعقد ووجه المذهب : قوله تعالى { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } ، فإنه يقتضي أن سائر الأهلة ميقات للحج ونقول في الجواب عما استدلوا به : الإحرام شرط ; لأنه ينعقد بالنية ، والنية هي المميزة للحج ، والمميز غير المميز فيكون شرطا فيجوز تقديمه كسائر الشروط كالطهارة وستر العورة ، ولا منافاة بين هذا وبين قول أهل المذهب : إنه ركن ; لأنهم يعنون بكونه ركنا أنه لا ينجبر بالدم ، وإذا علم ذلك فيكون المحصور إنما هو المشروط أو نقول : هو ركن ، والمحصور في الأشهر الحج الكامل ، ونحن نقول : الإحرام فيه أفضل ; ليحصل الجمع بين الآيتين قال : ولا يمتنع أن يجعل الله الشهور كلها وقتا للإحرام ويجعل شهور الحج وقتا للاختيار ، ويؤيد ذلك أيضا أن التحديد وقع في الميقات المكاني والإجماع على صحة [ ص: 19 ] الإحرام المتقدم عليه ، وهذا الجواب أنسب للمذهب من جهة أنهم جوزوا ابن القصار ولمن فاته الحج وبقي على إحرامه إلى قابل تقديم الطواف والسعي مع الكراهة ، والله أعلم . للقارن تقديم الطواف والسعي قبل أشهر الحج
وجعل ابن بشير وتابعوه سبب الخلاف هل إيقاعه في أشهره أولى أو واجب ؟ قال في التوضيح ، وفيه بحث ، ولم يبينه ولعله من حيث إنه لا يلزم من كونه واجبا أنه لا ينعقد ، والله أعلم .
وقال ابن عبد السلام : وربما جعل سبب الخلاف اختلافهم في ، وهذا البحث حسن في إحرام الصلاة ، وأما هنا فعبارة الأئمة فيه أنه ركن ، ولكن من جوز تقديمه تمسك بقوله تعالى { الإحرام هل هو ركن أو شرط ؟ يسألونك عن الأهلة } الآية ، ووجه الدليل : أن الألف واللام في الأهلة للعموم فعلى هذا كل هلال يصح أن يكون ميقاتا للناس في انتفاعاتهم الدنيوية ، وفي الحج وذلك مستلزم لصحة انعقاد الحج في كل زمان ، وكذلك ما روي عن غير واحد من الصحابة في فضل الحج أنه يحرم به من دويرة أهله ، وكثير من المنازل لا يمكن الوصول منها إلى مكة إلا إذا خرج منها قبل شوال ومن لم يصحح الإحرام تمسك بقوله : { الحج أشهر معلومات } ، وهذا خاص إذا نسب إلى دليل الأولين ، والأثر المذكور ليس عن جميعهم ، وإنما هو رأي لبعضهم انتهى .
ما ذكره في الإحرام هل هو ركن أو شرط ؟ قد علمت ما فيه ، وأنه لا منافاة بين ذلك ، وظاهر كلامه ترجيح دليل القول الثاني ، وقد علمت جوابه ، ودليل الأول ، والله أعلم .
وقال في النكت : اعترض علينا مخالفنا في هذه المسألة بالإحرام في الصلاة قبل وقتها ، وأصل الحج مباين للصلاة في أمور شتى قال الأبهري : وجدنا الحج لا بد له أن يوقع في وقته ، وهو الوقوف بعرفة فلذلك جاز الإحرام قبل أشهره ; لأنه لا يؤدي ذلك إلى الخروج منه قبل أشهره بخلاف الصلاة لو جوزنا الدخول فيها قبل وقتها لخرج منها قبل وقتها انتهى .
( فإن قيل : ) ما على مقابل المشهور مع أن مراعاة المكان أولى لشرفه لقرب الفرق بين الميقات الزماني والمكاني البيت ؟ فالجواب : أنه عليه السلام قال في المكاني { } فبين أن هذه الأماكن محصورة في الناسكين ، ولم يحصر الناسكين فيها فجاز التقديم والميقات الزماني على العكس ; لأنه حصر النسك قاله هن لهن ولمن أتى عليهن القرافي وغيره انتهى .
( تنبيهات الأول : ) قال في النوادر عن محمد ، ولا أحب لأحد أن يحرم بالحج في غير أشهر الحج ، فإن فعل لزمه ، وإن لزمه ، ولا يزال ملبيا محرما حتى يرمي ويحلق انتهى . أحرم في المحرم إلى ذي الحجة
ونقله في الطراز