( فرع ) : قال في النوادر ولا بأس أن يحرم في ثوب مصبغ بدهن قال ابن القاسم وإن كانت له رائحة طيبة ما لم يكن مسكا ، أو عنبرا انتهى .
ونقله ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح وابن عرفة وغيرهم ، وقال في رسم ليرفعن من سماع ابن القاسم من كتاب الحج سئل عن ؟ قال : نعم لا بأس به قال الثوب يصيبه الدهن ، هل يحرم فيه ابن القاسم : إلا أن يكون مسكا ، أو عنبرا قال ابن رشد : وهذا كما قال ; لأن الأدهان التي لا طيب فيها يجوز للمحرم أن يأكلها ويدهن بها يديه ورجليه من شقاق بها لا لتحسينها ، وهي لا تحسن الثوب بحال إذا أصابته بل توسخه ، فلا بأس بالإحرام فيه كما قال انتهى .
( فرع ) : قال في النوادر في الثوب المعصفر المفدم : كرهه للرجال في غير الإحرام انتهى . [ ص: 154 ] وقال مالك بعد أن ذكر المعصفر المفدم وكره للرجال في غير الإحرام قال في التوضيح : أي المعصفر المفدم ، وأما المعصفر غير المفدم والمزعفر ، فيجوز لبسهما في غير الإحرام نص على المورد في المدونة ، وعلى المزعفر في غيرها قال ابن الحاجب : لا بأس بالمزعفر لغير المحرم ، وكنت ألبسه وقال في الحديث في النهي عن أن يتزعفر الرجل هو أن يلطخ جسده بزعفران مالك اللخمي وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه { } وفي قوله صلى الله عليه وسلم { كان يصبغ ثيابه كلها ، أو العمامة بالزعفران } دليل على الجواز لغير المحرم انتهى كلام التوضيح ، وأصله لا يلبس المحرم شيئا مسه ورس ولا زعفران للخمي وزاد ; لأنه لو كان ممنوعا في الجملة لم يخص به المحرم ، وإنما يذكر في ذلك ما يفترق فيه حكم المحرم من غيره انتهى ، ثم قال في التوضيح : وأما كراهة المعصفر فلما في الصحيح من حديث { رضي الله عنهما قال رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ثوبان معصفران فقال : إن هذين من ثياب الكفار فلا تلبسهما عبد الله بن عمر } وفي بعض الطرق ألا كسوتهما بعض أهلك انتهى . ونحوه في الطراز وقال فيه وحمل النهي أن يزعفر الرجل على تلطيخ الجسد على رأي الجاهلية ، ويعضده ما روي عن أنه قال { أنس } وقد روي أنه عليه الصلاة والسلام { : نهى عليه الصلاة والسلام أن يزعفر الرجل جلده } ، وهذا بين فإن ذلك عادة كان يصبغ ثيابه كلها والعمامة بالزعفران العرب وهو زي مكة إلى اليوم فلم يكن من محض معتاد النساء حتى يكره للرجال انتهى .
( قلت ) والحديث في النهي عن المعصفر عام في المفدم وغيره وهو ظاهر كلام صاحب الطراز وعلل ذلك بأن فيه تشبها بالنساء ولقد { } فتأمله وقال لعن صلى الله عليه وسلم من تشبه بالنساء من الرجال المازري في المعلم في كتاب اللباس إنه أجاز في البيوت ، وفي أفنية الدور وكره لباسها في المحافل وعند الخروج إلى السوق ، فكأنه رأى أن التصرف بها بين الملإ من لباس الاشتهار ، فلهذا نهى عنه وفي الديار ليس فيها اشتهار فأجازه انتهى . لبس الملاحف المعصفرة للرجال
، ونحوه لابن عبد السلام ، ونقل البرزلي في كتاب الجامع عن ابن العربي أنه قال : وأما الأحمر ، ومنه المعصفر والمزعفر ، فأجازه مالك والشافعي وكره بعض وأبو حنيفة العراقيين المزعفر للرجال انتهى .
قال ابن عرفة : وفيها كراهة المعصفر المفدم ، ولو للمرأة في الإحرام وللرجال في غيره عياض وغيره كان محمد بن بشير القاضي يلبس المعصفر ، ويتحلى بالزينة من كحل وخضاب وسواك سأل رجل غريب عنه فدل عليه ، فلما رآه قال أتسخرون بي أسألكم عن قاضيكم فتدلوني على زامر فزجروه فقال له ابن بشير : تقدم واذكر حجتك فوجد عنده أكثر مما ظنه ، عاتبه زونان في لباس الخز والمعصفر فقال : حدثني أن مالك فقيه هشام بن عروة المدينة كان يلبس المعصفر ، وأن القاسم بن محمد كان يلبس الخز ، ثم ترك لبس الخز قال : لا يلزم من يعقل ما يعاب عليه انتهى يحيى بن يحيى وزونان اسمه عبد الملك بن الحسن بن محمد بن زريق بن عبد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى أبا مروان ويعرف بزونان وهو من الطبقة الأولى ممن لم ير من أهل مالكا الأندلس من قرطبة سمع ابن القاسم وأشهب وغيرهم ، وكان الأغلب عليه الفقه وكان فقيها فاضلا ورعا زاهدا ولي قضاء وابن وهب طليطلة وكان يعجب من كلامه وتوفي سنة ثنتين وثلاثين ومائتين قاله يحيى بن يحيى ابن فرحون في الديباج المذهب والله أعلم .