ص ( قبل الوقوف مطلقا )
ش : أي سواء وقع قبل طواف القدوم والسعي ، أو بعدهما ، أو بينهما ولا يفصل في ذلك كما يفصل فيما بعد الوقوف بين أن يقع قبل طواف الإفاضة ورمي جمرة العقبة ، أو بعدهما ، أو أحدهما ولما كان طواف القدوم والسعي بعده شبيهين برمي جمرة العقبة وطواف الإفاضة في كون كل واحد من القسمين ركنا وواجبا ، ويفصل في الثاني دون الأول حسنت الإشارة إلى ذلك بالإطلاق والله أعلم .
ص ( أو قبله )
ش : لا بد من هذه اللفظة لئلا يتوهم اختصاص الفساد بيوم النحر والله أعلم .
ص ( كإنزال ابتداء )
ش : هو كقوله في المدونة إن فعليه لذلك الدم ، وحجه تام انتهى . قال نظر المحرم ، فأنزل ، ولم يتابع النظر ولا أدامه ابن عرفة : وناقضه اللخمي بقوله : ' في الصوم من نظر ، أو تذكر ، ولم يدم ، فأنزل فعليه القضاء فقط وإن أدام فهو والكفارة إلا أن يحمل على استحباب القضاء ( قلت ) : يفرق بيسير الصوم انتهى .
واعلم أن ما فرق به ابن عرفة هو في كلام اللخمي ونصه إلا أن يحمل قوله في قضاء الصوم على الاستحباب ليسارة قضاء الصوم انتهى . وقال أيضا قبل هذا اللخمي اتفق ابن القاسم على عدم فساد إنزال الفكر والنظر غير متكررين ( وأشهب قلت ) عزاه ابن حارث لاتفاق كل المذهب الباجي رواه ابن القاسم - ابن ميسر عليه الهدي - الباجي معناه جريه على قلبه من غير قصد انتهى .
. وخرج اللخمي على ما اتفق عليه ابن القاسم من عدم إفساد إنزال الفكر والنظر غير المتكررين لغو إنزال قبلة وغمز من عادته عدم الإنزال عنهما قال وأشهب ابن عرفة : ويرد بأن الفعل أقوى انتهى . وقد سبقه إلى رد تخريج اللخمي القاضي سند فقال : وهذا تخريج فاسد ، والفرق أن النظر قد يقع فجأة ، وكذلك الفكر وتغلب القوة في الإنزال ، فعفي عنه أما القبلة ، فلا تقع إلا عن اختيار ، وليس في تجنبها كبير مشقة ، ولم يبق إلا أنه قبل ، ولم يقصد أن ينزل ، وما يفسد الحج لا يقف على قصد إفساده انتهى .
ص ( وإمذائه وقبلته )
ش : فهم من قوله أولا والجماع ومقدماته أن مقدمات الجماع محرمة كلها ، وهو كذلك ، ويفهم من كلام ابن عبد السلام نفي الخلاف في ذلك ، ثم بين المصنف أن وأن القبلة توجب الهدي ، وإن لم يحصل عنها مذي لعطفه القبلة على المذي ، وسكت عما عدا القبلة ، فيفهم منه أنه لا شيء فيه إذا لم يكن عنها مذي ، وإنما فيها الأثم ، وهو كذلك يريد إلا الملاعبة الطويلة والمباشرة الكثيرة ، ففي ذلك الهدي ; لأن ذلك أشد من القبلة ، فإن الذي يتحصل من كلام المذي يوجب الهدي ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح والقابسي في تصحيح ابن الحاجب أن يعرى وجوب الهدي في القبلة من الخلاف ; لأنها لا تفعل إلا للذة ، فهي مظنتها ، والتعليل بالمظنة لا يختلف [ ص: 168 ] وأن محل الخلاف ما عداها من ملامسة خفيفة ومباشرة خفيفة وغمز ونظر وكلام وفكر إذا حصل عن ذلك مذي ، وأن أظهر القولين وأرجحهما وجوب الهدي حينئذ ، وأما إن لم يحصل مذي ، فلا هدي عليه ، وقد غر ، وسلم ، وأما الملاعبة الطويلة والمباشرة الكثيرة ، ففيها الهدي ; لأنها مظنة للذة كالقبلة بل ذلك أشد ، ولا يكاد يتخلف عنه المذي غالبا والله أعلم
ولنذكر نصوصهم ليتضح ذلك قال في التوضيح في شرح قول : وتكره مقدمات الجماع كالقبلة والمباشرة للذة والغمزة وشبهها المراد بالكراهة هنا التحريم ابن الحاجب الباجي ، وكل ما فيه نوع من الالتذاذ بالنساء ، فيمنع منه المحرم ، ثم ما كان منه لا يفعل إلا للذة كالقبلة ، ففيه الهدي على كل حال ، وما كان يفعل للذة وغيرها مثل لمس كفيها ، أو شيء من جسدها فما أتى من ذلك على وجه اللذة فممنوع ، وما كان لغير لذة ، فمباح انتهى . بمعناه ابن عبد السلام ، ولا نجدهم يختلفون في القبلة هنا كما يختلفون في الصيام ، فليس أحد منهم يجيز لشيخ ولا لمتطوع ا هـ . كلام التوضيح بلفظه وقال القبلة في الإحرام ابن عبد السلام : الأقرب تحريمها يعني مقدمات الجماع لقوله تعالى { فلا رفث ولا فسوق } ، وهو يشمل جميع المقدمات حتى الكلام ولا يبعد تأويل إطلاق الفقهاء الكراهة هنا ، وإرادة التحريم ، ولا تجدهم يختلفون فيها كما اختلفوا في الصيام ، فليس أحد منهم يجيز القبلة في الإحرام لشيخ ولا لمتطوع انتهى .
فالضمير في قول ابن عبد السلام : ولا تجدهم يختلفون فيها يرجع إلى جميع مقدمات الجماع ، وجعل المصنف كلامه في القبلة فقط ، وليس بظاهر بل حكم الجميع سواء ، ثم قال : وفي وجوب الهدي قال في التوضيح : قد تقدم أن ابن الحاجب الباجي قال : يجب في القبلة الهدي على كل حال ، وكذلك قال في الكافي : ومن ابن عبد البر فعليه دم وتجزئه شاة ا هـ . قبل ، أو باشر فلم ينزل
وينبغي أن يقال إن أمذى ، فعليه الهدي ، وإلا فلا ويحتمل أن تعرى القبلة من الخلاف ، ويكون الخلاف فيما عداها ويكون محل الخلاف إذا أمذى ، وأما إن لم يحصل مذي ، فقد غر وسلم ، فانظر ذلك ، ثم قال : وروي من قبل فليهد فإن التذ بغيره ، فأحب إلي أن يذبح قال في التوضيح : قوله روي أي في الموازية ، وهو ظاهر التصور ، ولا شك عليها أي على هذه الرواية أن الملاعبة ونحوها أشد من القبلة انتهى . ابن الحاجب
وقال ابن عبد السلام في شرح قوله " فإن التذ بغيره " : يريد مما هو دون القبلة في تهييج الشهوة ، ولا يدخل في ذلك المباشرة وطول الملاعبة ، وما في معناهما بل يدخل حكمهما في حكم القبلة من باب أولى ، وذلك معلوم ضرورة انتهى .
وقال القابسي في تصحيح ابن الحاجب : قوله : وفي وجوب الهدي مطلقا أما القبلة ، فنص ابن عبد البر والباجي فيها على وجوب الهدي مطلقا ، وأما غيرها من مقدمات الجماع ، فإن أمذى معه وجب الهدي ، وإلا فلا ، وعليه اقتصر خليل وفي الجلاب إن أمذى ، فليهد وإن لم يمذ ، فيستحب الهدي انتهى .
وقال ابن فرحون : لما ذكر قول الباجي كل ما لا يفعل إلا للذة كالقبلة ، ففيه الهدي قولان مذهب المدونة وجوب الهدي على كل حال يعني سواء التذ ، أو لا انتهى .
( تنبيه ) : المراد بالقبلة القبلة على الفم ، وأما على الجسد ، فحكمها حكم الملامسة كما يفهم ذلك من الكلام في نواقض الوضوء ، والمراد أيضا ما لم يحصل صارف كوداع ، أو رحمة كما قالوا هناك ، فتأمله والله أعلم .
ص ( ولم يقع قضاؤه إلا في ثالثة )
ش : هذا إن لم يطلع عليه حتى فات الوقوف في العام الثاني ، وأما إن أطلع عليه قبل ذلك ، فيؤمر أن يتحلل من إحرامه الأول الفاسد بأفعال العمرة ، ولو دخلت أشهر الحج ، ويقضيه في العام الثاني والله أعلم .