ص ( ومضى في جبر عامل )
ش : أي ، ومضى فهو من إضافة المصدر إلى مفعوله ، وذلك أن السلطان إذا أراد تولية أحد أحصى ما بيده فما وجده بعد ذلك زائدا على ما بيده ، وعلى ما كان يرزق من بيت مال المسلمين ، وإنما أخذه بجاه القضاء والولاية أخذه منه فإن كان له تجارة وزراعة ، وأشكل مقدار ما اكتسبه بذلك وما اكتسبه بجاه الولاية فالمشاطرة حسنة ، وقد فعلها سيدنا البيع المجبر عليه إذا كان ذلك في جبر السلطان عاملا من عماله رضي الله عنه مع عماله لما أشكل عليه ما اكتسبوه بالقضاء والعمالة ، ويأتي ذلك في القضاء إن شاء الله عند الكلام على قبول القاضي الهدية والكلام على مشاطرة سيدنا عمر بن الخطاب لسيدنا عمر وسيدنا أبي هريرة رضي الله عنهم مع أن علو منصبهم ، ومرتبتهم في الورع والدين معلومة أما إذا كان العامل مشهورا بالظلم للناس وأخذ أموالهم فعلى السلطان أن يأخذ جميع ما ظلم الناس به ويرده عليهم ، وما ذكره أبي موسى المصنف هنا مفهوم من قوله أولا جبرا حراما لكن لما كان مفهوم شرط ، وفي فهمه منه خفاء لا يهتدي إليه كل أحد صرح به ولو أدخل الكاف عليه ، فقال في كجبر عامل لكان أحسن ليدخل في كلامه صور الجبر الشرعي كجبر القاضي المديان على بيع متاعه للغرماء ، وجبر أهل الذمة على بيع أموالهم لأداء الجزية الشرعية ، وجبر من له دار تلاصق الجامع أو الطريق على بيعها إذا احتيج إلى توسعتهما بها على ما اختاره ابن رشد
وكان المصنف رحمه الله اكتفى في ذلك كله بمفهوم قوله جبرا حراما ، وإنما نبه على جبر العامل بخصوصه لئلا يتوهم فيه أنه من الجبر الحرام لكونه من جهة السلطان ، ولقربه منه خصوصا إذا كان السلطان لا يرد المال على أربابه ، ولهذا قال مضى ، ولم يقل جاز جبر عامل ; لأن جبر السلطان العامل إن كان ليرد المال على أربابه فهو جائز ، وإن كان ليأخذه لنفسه فإنه حرام عليه ، ولكنه ماض ، والله أعلم . قال في البيان : في رسم سن من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان الذي مضى عليه عمل القضاة إن من تصرف للسلطان في أخذ المال ، وإعطائه فبيعه جائز إذا أضغط فيه ، ولا رجوع له فيه وإن كان ممن لا يتصرف في أخذ المال ، وإعطائه فلا يشتري منه إذا أضغط فإن اشترى منه فله القيام هو صحيح ; لأنه إذا أضغط فيما خرج عليه من المال الذي تصرف فيه أو تبين أنه حصل عنده منه فلم يضغط إلا بما صار عنده من أموال المسلمين وذلك حق ، وبالله التوفيق ا هـ .
ونقله ابن عرفة وزاد الشيخ عن ، وابن عبد الحكم مطرف وأصبغ ، والعامل يعزله الوالي على سخط أو يتقبل الكورة بمال ، ويأخذ أهلها بما شاء من الظلم فيعجز أو يتقبل المعدن فيعجز عما عليه فيغرمه الوالي مالا بعذاب حتى يلجئه لبيع ماله فبيعه ماض عليه سواء أخذ الوالي ماله لنفسه أو رده على أربابه كمكره أو مضغوط في بيع لحق عليه أو دين لازم ا هـ .
، ونقله في التوضيح أيضا ، وتقدم كلامه عند قول المصنف لا إن أجبر عليه جبرا حراما ( تنبيهات الأول ) : تقدم أن من الجبر الشرعي جبر أهل الذمة على البيع في الجزية والخراج ، وشبهه قال في الرسم المتقدم قال ابن القاسم قال : : في [ ص: 253 ] مالك أرى أن يرد عليه بغير ثمن إذا كان بيعه إياه على عذاب أو ما أشبهه من الشدة ، ولا أرى لمشتري ذلك أن يستحله ، ولا يحبسه قال الذي يضغط في الخراج فيبيع بعض متاعه على ، وجه الضغط ابن رشد : إنما يرد عليهم ما اشتري منهم على وجه الضغط إذا كان الذي يطلبون ويضغطون فيه ظلما ، وتعديا أو كانوا فقراء لا يلزمهم ما وجب عليهم حتى يوسروا فيبيع عليهم ما لا يلزمهم بيعه كثوب يستر به ، وشبهه فهذا يلزم مشتريه رده فأما إن بيع عليه شيء في حق ، واجب من جزيته أو من غير جزيته تحت الضغط ، والإكراه فلا يرد عليه ، وهو سائغ لمن اشتراه ، وقد كان ينبغي أن يرفق بهم في تقاضي ذلك منهم ، وأن لا يعذبوا على ذلك ، وسبيل المضغوط من المسلمين على بيع متاعه في غير حق سبيل الذمي في حق رد ماله عليه من غير ثمن بل هو في المسلم أشد ; لأن حرمته أعظم قال ذلك ابن حبيب ، وحكاه عن من رواية مالك ابن القاسم عنه ومطرف وابن عبد الحكم وأصبغ ا هـ . ، وقال ابن عرفة إثر الكلام المتقدم : وكذا بيع أهل الذمة أو المعتوه فيما عليهم من جزية ، وأهل الصلح فيما صولحوا عليه ا هـ . يعني أنه لازم ، والله أعلم .
( الثاني ) : تقدم أيضا أن من الجبر الشرعي جبر من له ربع يلاصق المسجد ، وافتقر لتوسيع المسجد به على بيعه لتوسيع المسجد .
وكذلك بذلك أفتى من له أرض تلاصق الطريق ابن رشد ، واحتج على فتياه بقول يجبر ذو أرض تلاصق طريقا هدمها نهر لا ممر للناس إلا فيها على بيع طريق فيها لهم بثمن يدفعه الإمام من بيت المال وبفعل سحنون رضي الله عنه في توسيعه مسجده صلى الله عليه وسلم ، وبقول عثمان وغيره إذا غلا الطعام ، واحتيج إليه أمر الإمام أهله بإخراجه إلى السوق ا هـ . من مالك ابن عرفة