ص ( أو رجع بها من سفر ولو بعد كسارق )
ش : هذا مما دخل تحت قوله : وغلة مستعمل . وإنما ذكرها هنا ليبين أن هذا وليبين أنه يوجب ذلك من التعدي كالمستأجر ونحوه وليس مقصوده أنه لا كراء على الغاصب فليس معارضا لما تقدم ومن يحمله على نفي الفعل من الغاصب ليس بفوت يوجب تخيير ربها فيها وفي قيمتها كما هو مذهب المدونة فيحتاج أن يقيد ما تقدم بذلك قال الكراء على الغاصب لما أن عد بعض ما يكون فوتا يوجب تخيير رب السلعة فيها وفي قيمتها ما نصه : ولو رجع بالدابة من سفر بعيد بحالها لم يلزم سواها عند ابن الحاجب ابن القاسم بخلاف وفي الجميع قولان قال تعدي المكتري والمستعير ابن عبد السلام : ستأتي مسألة المدونة التي ذكرها المؤلف بعد هذا ، انتهى . ويشير إلى قوله فإن استغل واستعمل ثم قال ابن عبد السلام ما نصه : ثم هذا الحصر الذي أعطاه كلام المؤلف حيث قال : لم يلزم سواها يحتمل أن يبقى على ظاهره فلا يكون على الغاصب كراء في سفره على الدابة ويحتمل أن يريد نفي قيمة الدابة التي يكون رب المال مخيرا فيها في التعدي لا كراء الدابة ، انتهى .
ولما أن كان يذكر الأقوال في الغلة قال في كلامه هنا يحتمل ويحتمل فأما ابن الحاجب المصنف فلم يذكر أولا إلا المشهور وهو مطلقا فيحمل كلامه هنا على نفي الضمان إلا أن يجعل كلامه الأول على مذهب المدونة ويقيد فيصح ، والله أعلم . ضمان غلة [ ص: 286 ] المغصوب المستعمل
ص ( وله في تعدي كمستأجر كراء الزائد إن سلمت وإلا خير فيه وفي قيمتها وقته )
ش : فسر الشارح مثل المستأجر المستعير ومعنى كلامه أن الدابة إذا سلمت في تعدي المستأجر وشبهه كالمستعير فليس لربها إلا كراء الزائد فقط ولا تخيير له وإنما يخير مع عدم السلامة .
وظاهره أن ذلك يتعين سواء كانت الزيادة كثيرة أو قليلة ولا يخير وهذا مخالف لما قدمه في فصل العارية وفي فصل كراء الدواب وفصل الوديعة وخلاف لما في المدونة ولما قاله وقبله في التوضيح قال في المدونة : وأما المكتري أو المستعير يتعدى المسافة تعديا يحبسها أياما كثيرة ولم يركبها ثم يردها بحالها فربها مخير في أخذ قيمتها يوم التعدي أو يأخذها مع كراء حبسه إياها بعد المسافة ، انتهى . وقال ابن الحاجب ولو رجع بالدابة من سفر بعيد على حالها لم يلزمه سواها عند ابن الحاجب ابن القاسم بخلاف تعدي المكتري والمستعير وفي الجميع قولان قال ابن عبد السلام بخلاف المكتري والمستعير يزيدان في المسافة زيادة بعيدة ثم يردان الدابة على حالها فلرب الدابة أخذها وله تركها وأخذ القيمة وقال في التوضيح بخلاف تعدي المكتري والمستعير إذا زاد في المسافة زيادة بعيدة فإن ربها بالخيار فإن أحب أخذها وكراءها من موضع التعدي إلى غايته وإن أراد أخذ قيمة دابته من المكان الذي تعدى عليه وله الكراء الأول في الكراء ثم قال : وفهم من قوله يعني : سفر بعيد ، أنه لو تعدى المستعير والمكتري موضعا قريبا أو زمنا قريبا أنه لا يكون له تضمين الدابة وفي ابن الحاجب الباجي إذا أمسكها أياما يسيرة زائدة على أيام الكراء لا ضمان عليه وإنما له الكراء في أيام التعدي مع الكراء الأول قاله وأصحابه ، انتهى . مالك
وما ذكره عن الباجي نحوه في المدونة كما سيأتي إن شاء الله فلو زاد المؤلف مع قوله إن سلمت لفظ وقربت يعني مسافة التعدي لكان أحسن ; لأن قوله إن سلمت لا يوافق المنصوص ; إذ لا فرق بين سلامتها وعدم سلامتها إلا مع قرب المسافة قال في المدونة بعد الكلام المتقدم بأسطر قال ابن القاسم : وإذا زاد المكتري للدابة أو المستعير في المسافة ميلا أو أكثر فعطبت ضمن وخير ربها فإما ضمنه قيمتها يوم التعدي ولا كراء له في الزيادة وإما ضمنه كراء الزيادة فقط ولا شيء له من قيمتها وعلى المكتري الكراء الأول بكل حال ولو ردها بحالها والزيادة يسيرة مثل البريد أو اليوم وشبهه لم تلزم قيمتها ولا يضمن إلا كراء الزيادة فقط ، انتهى ، والله أعلم .