ص ( وكراء )
ش : أي وكذا وما ذكره لا شفعة في الكراء المصنف هو أحد قولي ورواية مالك ابن القاسم عنه وإنما اقتصر عليه ; لأنه مذهب المدونة في أول كراء الدور والأرضين حسبما أشار إلى ذلك في توضيحه وصرح ابن ناجي في شرح المدونة بمشهوريته وسيأتي لفظهما ، قال في المدونة في كراء الدور وإذا اكترى رجلان دارا بينهما فلأحدهما أن يكري حصته ، قال ولا شفعة فيه لشريكه بخلاف البيع ، انتهى . قال مالك ابن ناجي : ما ذكره من عدم الشفعة هو المشهور ، وقال : أشهب وابن المواز له الشفعة ، وقال في التوضيح في كتاب الشفعة في شرح قول : وفي الثمار والكتابة وإجارة الأرض للزرع قولان . قوله : وإجارة الأرض للزرع . لا يريد خصوصية هذه المسألة بل كل كراء . والقولان ابن الحاجب لمالك
ومذهب ابن القاسم في المدونة سقوطها وهو قول عبد الملك والمغيرة وبوجوبها قال مطرف وأشهب وأصبغ واختلف أيضا في المساقاة كالكراء ، والأقرب سقوطها في هذه الفروع ; لأن الضرر فيها لا يساوي الضرر في العقار الذي وردت الشفعة فيه ، انتهى . وأصله لابن عبد السلام ونصه وليس في قول المؤلف وإجارة للزرع دليل على خصوصية هذه الصورة بالخلاف في ثبوت الشفعة فيها بل ذلك عام في كراء العقار لكن مذهب ابن القاسم سقوط الشفعة في الكراء وهو قول المغيرة وعبد الملك ، وقال أشهب ومطرف وأصبغ : فيه الشفعة وهو قول ابن القاسم أيضا ، والقولان مرويان عن واختلف أيضا في المساقاة كما اختلف في الكراء والأقرب في هذه المسائل على أصل المذهب سقوط الشفعة فإن الضرر اللاحق بسبب المشاركة فيها قاصر عن الضرر اللاحق في المسائل المتفق على ثبوت الشفعة فيها ، انتهى . مالك
( تنبيهات
الأول ) اعترض الشارح على المصنف في اقتصاره على القول بعدم الشفعة وعدم تعرضه للقول بوجوبها ، قال في الوسط بعد نقله القولين عن الموازية فانظر كيف اقتصر الشيخ على عدم الشفعة ولم يحك القول الآخر وهو أولى بالذكر هنا ; لأنه أحد قولي ورواية مالك ابن القاسم عنه وبه أخذ هو وأشهب ومطرف وأصبغ وابن المواز وابن حبيب أو كان يذكر القولين معا ، انتهى . ونحوه في الكبير ، وقال بدل قوله وهو أولى بالذكر هنا فكان هذا القول أولى بالاقتصار عليه أو يذكر القولين معا وعلى هذا فلو قال : وفي الكراء وناظر الميراث قولان لكان أحسن ، والله أعلم . وعلى التسوية بين القولين من غير ترجيح مشى في شامله ، فقال : وفي الكراء روايتان وتبعالبساطي الشارح في الاعتراض على المؤلف ، فقال : وكان الأحسن أن يذكر المصنف في الكراء القولين كما في ناظر الميراث ; لأنهما ورجح جماعة الثاني ولم يتعرض لمالك ابن غازي لما ذكره الشارح من الاعتراض على المصنف بنفي ولا إثبات وتعرض له الشريف الفاسي
ونظر في اعتراضه وأجاب عن الشيخ في اقتصاره على القول بعدم الشفعة بما قدمناه ونص إثر قول المتقدم قوله : وإجارة الأرض للزرع لا يريد خصوصية هذه المسألة بل كل كراء [ ص: 313 ] كذلك ، والقولان ابن الحاجب ومذهب لمالك ابن القاسم في المدونة في كراء الدور وسقوطها وعليه اقتصر الشيخ خليل واعترضه شارحه الشيخ تاج الدين بأن القولين ورواية لمالك ابن القاسم وبثبوت الشفعة أخذ هو وأشهب ومطرف وأصبغ وابن المواز وابن حبيب فكان ذكره لهذا القول أولى أو كان يذكرهما ولهذا حكى في شامله القولين من غير ترجيح وفيه نظر لقوله في التوضيح مذهب المدونة السقوط ، ولعله لما لم ير المسألتين في كتاب الشفعة من المدونة لم يعتبر كلامه ، والله أعلم ، انتهى .
فظهر من هذه النصوص صحة ما قاله المصنف وسقط عنه اعتراض الشارح والبساطي ، والله أعلم .
( الثاني ) سيأتي في كلام المصنف في الثمار إذا لم تيبس أن فيها الشفعة ، وقال في حاشية المشذالي في كتاب الشفعة : فإن قيل : ما الفرق بين الشفعة في الثمار وعدمها في السكنى وكل منهما غلة ما فيه الشفعة ؟ قيل : الفرق أن الثمار لما تقرر لها وجود في الأعيان ونمو في الأبدان من الأشجار صارت كالجزء منها وإليه أشار ابن العربي فأعطيت حكم الأصول ولا كذلك السكنى فلذلك صرح في المدونة بعدم الشفعة فيها المشذالي ، قال الشيخ أبو الحسن في ترجمة اكترى حمامين أو حانوتين من كراء الدور أن الفرق أن الثمرة أعيان وهي مشتبهة بالأصول ولا كذلك المنافع ألا ترى إذا اشترى الثمرة بعد يبسها في رءوس الأشجار أنه لا شفعة فيها ، انتهى . وتأمل الفرق بين الزرع والثمار ، والله أعلم .
( الثالث ) على القول بوجوب الشفعة في الكراء ، فقال اللخمي بشرطين أن يكون مما ينقسم وأن يشفع ليسكن ، قال المشذالي ، قال الشيخ أبو الحسن في الترجمة المذكورة ، قال ابن يونس ، قال محمد يرى الشفعة في الكراء وبه أقول . وأشهب اللخمي وبه العمل بشرط أن يكون مما ينقسم وأن يشفع ليسكن ، انتهى . ونقله الباجي عن أبي الحسن أيضا وزاد إثره .
( قلت ) وليس العمل عليهما عندنا بإفريقية ، انتهى .
أي ليس العمل عندهم بإفريقية على اشتراط الشرطين المذكورين ، والشرطان المذكوران ذكرهما اللخمي وعنه نقلهما الشيخ أبو الحسن فإنه بعد أن ذكر الشرطين المذكورين أتى بكلام اللخمي عقب ذلك كالمستدل بذلك ولنذكر كلامه برمته ونصه ابن المواز يرى الشفعة في الكراء وبه أقول وأشهب الشيخ وعليه العمل وذلك بشرطين أن يكون مما ينقسم وأن يشفع ليسكن اللخمي . اختلف إذا كان الكراء في نصف شائع ، فقال مرة لا شفعة فيه ومرة قال : فيه الشفعة وهذا إذا كانت الدار تحتمل القسمة فإن أراد الشريك أن يأخذ بالشفعة ليسكن كان ذلك له وإن أراد ذلك ليكري لم يكن له ذلك وهو بمنزلة من يأخذ الشفعة بالبيع وكذلك الحانوت يكون بين الشركاء فيكري أحدهم نصيبه شائعا فلا شفعة في الآخر إذا كان لا يحتمل القسم أو كانوا يأخذون بالشفعة ليكرون وإن كان يحتمل القسم وأراد أن يأخذ بالشفعة ليجلس فيه للبيع كان ذلك له وإن كان يكريه لمن يجلس فيه لم يكن له ذلك ، انتهى . مالك
( الرابع ) قال المشذالي في حاشيته في كراء الدور إثر كلام المدونة المتقدم وقوله فلأحدهما أن يكري حصته ظاهره ولو من غير شريكه وأنه لا يكون شريكه أحق به من الغير وهو خلاف ما في سماع ابن القاسم في بعد الطيب فشريكه أولى بها ، انتهى . وهذه المسألة في رسم اغتسل من سماع رجلين وهبت لهما ثمرة شجر عشر سنين حبسا عليهما ثم أراد أحدهما بيع حصته من ذلك ابن القاسم من كراء الدور والأرضين وزاد بعد قوله أولى بها ممن أراد شراءها بالذي بذل فيها ، قال سحنون ، وقال : لا شفعة في الأكرية ، وقاله مالك ابن القاسم ، قال محمد بن رشد قول أراد شريكه أولى بها في مسألة الكراء ، ومسألة الثمرة يريد أولى بها من المشتري بالثمن الذي بذل فيها ; لأنه يأخذ [ ص: 314 ] الثمرة من المشتري بالشفعة يوم تمام الشراء والكراء من المكتري بالشفعة بعد تمام الكراء فليس ما قاله مالك في مسألة الثمرة والكراء خلافا لما حكاه مالك سحنون عن مالك وابن القاسم من أنه لا شفعة في الأكرية ; لأنهما مسألتان ، فالمسألة الأولى وهي أن الشريك أولى بالثمرة وبالكراء بما بذل المشتري والمكتري فيها من الثمن والكراء لا خلاف فيها وكذلك يجب في كل مشترك لا شفعة فيه ومثله قول في الذي تكون تحته الأمة لقوم فتلد منه فيبيعونها وولدها أنه أحق بها بما يعطى فيها وقد مضى القول في ذلك في رسم نقدها من سماع مالك عيسى من كتاب النكاح .
والمسألة الثانية ، وهي هل تكون الشفعة في الكراء بعد تمامه وفي الثمرة بعد الشراء أم لا ؟ فيها اختلاف اختلف في ذلك قول وقع اختلاف في قوله في المدونة في الثمرة وفي الكراء في الواضحة وأخذ بوجوب الشفعة في ذلك مالك ابن الماجشون وابن عبد الحكم وبأن لا شفعة في ذلك ابن القاسم ومطرف وأصبغ وبه أخذ ابن حبيب وكذلك اختلف قول أيضا في مالك يباعان هل يكون للمكاتب والذي عليه الدين الشفعة في ذلك أم لا ؟ فقال مرة لهما الشفعة في ذلك وأخذ به الشفعة في الكتابة والدين مطرف وابن الماجشون وابن وهب وأشهب وأصبغ وابن عبد الحكم وإليه ذهب ابن حبيب وحكى في ذلك حديثا من مراسيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال { سعيد بن المسيب : الشفعة في الكتابة والدين } .
وحكى عن من رواية مالك ابن القاسم عنه أنه استحسن الشفعة في ذلك ولم ير القضاء بها ، انتهى . وقال ابن الفاكهاني في شرح عمدة الأحكام أنه لم يقف على نص في مسألة الأمة ومسألة بيع الدين وقد تقدمت مسألة الأمة في النكاح عند قول المصنف وفسخ إن طرأ بلا طلاق ، والله أعلم . واقتصر في المسائل الملقوطة على القول بالشفعة في الدين ، والله أعلم .
( الخامس ) ما عزاه ابن رشد لابن الماجشون وابن عبد الحكم من الأخذ بوجوب الشفعة في الكراء وبأن لا شفعة لابن القاسم ومطرف وأصبغ وابن حبيب عكس ما نقل صاحب النوادر فإنه عزا لابن الماجشون وابن عبد الحكم عدم الأخذ بالشفعة ولابن القاسم ومن ذكر معه الأخذ بالشفعة ونصه : قال ابن حبيب : اختلف قول في الشفعة في الكراء فأخذ مالك ابن القاسم وابن عبد الحكم بقوله أن لا شفعة وأخذ وابن القاسم مطرف وأصبغ بقوله إن فيه الشفعة وبه يأخذ وذلك في كراء الدور والمزارع سواء ، انتهى .
وعلى نقل النوادر مشى ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح والشارح كما تقدم في كلامهم وعلى نقل ابن رشد مشى ابن عرفة ونصه ابن رشد إنما وقع اختلاف قول في الشفعة في الكراء في الواضحة وبقوله بالشفعة فيه قال مالك ابن الماجشون وابن عبد الحكم وبنفيها فيه ، قال ابن القاسم ومطرف وأصبغ وابن حبيب ، انتهى .
ولم يتعرض ابن عرفة لما بين النقلين من المخالفة مع أنه نقل عن النوادر بعض فروع الترجمة التي فيها كلام النوادر المذكور ولعل لكل من مطرف وأصبغ وابن حبيب قولين في المسألة أيضا مثل ما لمالك وابن القاسم فتأمل ذلك أيضا ، والله الموفق للصواب .
( السادس ) قول ابن رشد وقع اختلاف قول في الثمرة في المدونة وفي الكراء في الواضحة ظاهره قول مالك لم يختلف في الكراء في المدونة واستقرأ الخلاف منها الشيخ مالك أبو الحسن الصغير من قوله في المدونة في كتاب الشفعة : ومن أعمر عمرى على عوض لم تجز وردت ولا شفعة فيه ; لأنه كراء فاسد ظاهر هذا التعليل أن الشفعة في الكراء الصحيح وهو خلاف ما في كراء الدور وهو قول ، وقاله أشهب ابن القاسم أيضا ورجحه ابن المواز وبه مضى عمل القضاة أبو محمد صالح ، قوله : لأنه كراء فاسد ، راجع للرد خاصة تقديره لم يجز ورد ; لأنه كراء [ ص: 315 ] فاسد ولا شفعة فيه وعلى هذا لا يلزم الاستقراء ، انتهى . ونحوه لابن ناجي ونصه : ظاهر تعليله يقتضي أن الشفعة في الكراء الصحيح وهو مخالف لقولها في كتاب كراء الدور والأرضين بنفي الشفعة ورد أبو محمد صالح هذا الأخذ بأن التعليل راجع لقوله لم يجز ورد لعدم الشفعة وتقديره لم يجز ورد ; لأنه كراء فاسد ولا شفعة فيه ، انتهى .
( السابع ) انظر ما حكاه ابن رشد من الخلاف في الشفعة في الدين مع قول ابن ناجي في شرح الرسالة ولا شفعة في الدين باتفاق واختلف هل يكون المديان أحق به أم لا ؟ ولعل الذي نفى الخلاف فيه إذا باع أحد الشركاء في الدين حصته منه فتأمله واقتصر في المسائل الملقوطة على القول بالشفعة في الدين ، والله أعلم . ابن الحاجب
( فرع ) وهل لأحد الشريكين أن يلزم صاحبه أن يقاومه ؟ سيأتي عن النوادر أنه ليس له ذلك في البيع ، والكراء مثله وانظر في الإجارة الكلام على أنهما يؤجران أو يسكن أحدهما بما يقف عليه الكراء