كثوب وآثر المائع لموافقته للشراب الآتي في الخبر لا للتخصيص به فلا اعتراض عليه بملاقاتها له إذا لم تغيره ( على المشهور ) [ ص: 92 ] للخبر الصحيح { ( فلا تنجس ) رطبا ( مائعا ) كان أو غيره } وفي رواية صحيحة { إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ، ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء } وفي أخرى { وأنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء } وغمسه يؤدي إلى موته لا سيما في الحار فلو نجس لم يأمر به وقيس بالذباب غيره من كل ما ليس فيه دم متعفن ، وإن لم يعم وقوعه ؛ لأن عدم الدم المتعفن يقتضي خفة النجاسة بل طهارتها عند جماعة أحد جناحي الذباب سم والآخر شفاء فإذا وقع في الطعام فامقلوه أي اغمسوه فيه فإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء كالقفال فكانت الإناطة به أولى .
ومع ذلك لا بد من رعاية ذاك إذ لو طرح فيه ميت من ذلك نجس إذ لا حاجة حينئذ ، وإن كان الطارح غير مكلف لكن من جنسه أو المطروح ماء أو مائعا هي فيه على ما اقتضاه إطلاقهم [ ص: 93 ] إلا أن يقال يغتفر في الشيء تابعا ما لا يغتفر فيه مقصودا ويؤيده ما مر في وضع المتغير بما لا يضر على غيره فغيره ، ولا ينافي الأول عدم تأثير إخراجها وإن تعددت بنحو أصبع واحد مع أن فيه ملاقاتها قصدا لوضوح الفرق فإنه هنا محتاج بل مضطر لإخراجها ، وبللها طاهر فلا موجب للتنجيس وثم عين النجاسة وقعت بفعل لا ضرورة إليه فأثرت ، ويؤيد ذلك قول الزركشي ينبغي أن يستثنى من ضرر المطروح ما يحتاج إليه فقد صرح كوضع لحم مدود في قدر الطبيخ الدارمي بأنه لا ينجس على الأصح ا هـ .
ويؤخذ منه رد ما توهم أنه لا يضر مطلقا إذ لو أرادوا هذا لم يصح ذلك الاستثناء فتأمله ولا ينافي ذلك قول غير واحد لو طرحت فيه قصدا ضر جزما ؛ لأن القصد قيد للجزم لا لأصل الحكم كما هو واضح نعم لو الطرح بلا قصد لم يضر [ ص: 94 ] وكذا لو أخرجها بأصبعه مثلا فسقطت منه بغير اختياره إذ لا طرح هنا أصلا ولا أثر لطرح نحو الريح كما هو ظاهر ؛ لأنه ليس من جنس المكلفين ولا لطرح الحي مطلقا أو الميتة التي نشؤها منه كما هو ظاهر كلامهما أي من جنسه ، وفرض كلامهما في حي طرح فيما منشؤه منه ، ثم مات فيه بدليل كلام التهذيب ممنوع إذ طرحها حية لا يضر مطلقا ، وعبارة المجموع قال أصحابنا فإن صفى ماء هي فيه من خرقة على مائع آخر فيه القولان في الحيوان الأجنبي أي الذي وقع بنفسه ، وهذا متفق عليه في الطريقين أنه لا يضر ا هـ فتأمله ليندفع به ما لكثيرين هنا . أخرج هذا الحيوان مما مات فيه وألقي في مائع غيره أورد إليه فهل ينجس
( تنبيه )
ما ذكرته من التفصيل في المطروحة هو ما عليه جمع من محققي المتأخرين وجرى أكثرهم على أن المطروحة [ ص: 95 ] تضر مطلقا وجمع منهم البلقيني وغيره ودل عليه كلام تنقيح المصنف أنه لا يضر الطرح مطلقا ، وبينت ما في ذلك في شرح العباب ( تنبيه آخر )
يظهر من الخبر السابق ندب ، وظاهر أن ذلك لا يأتي في غيره بل لو قيل بمنعه فإن فيه تعذيبا بلا حاجة لم يبعد ، ثم رأيت غمس الذباب لدفع ضرره الدميري صرح بالندب وبتعميمه قال : لأن الكل يسمى ذبابا لغة إلا النحل لحرمة قتله ا هـ ، والوجه ما ذكرته ، وتلك التسمية شاذة على أنه لم يعول عليها في القاموس ، وعبارته والذباب معروف والنحل وعبر في الروضة بالأظهر وما هنا أولى إذ لا فرق للخلاف مع هذا الخبر .