( ولا يستخلف ) هو أو هم ( للجمعة إلا مقتديا به قبل حدثه ) ولا يتقدم فيها أحد بنفسه [ ص: 486 ] إلا إن كان كذلك ؛ لأن فيه إنشاء جمعة بعد أخرى أو فعل الظهر قبل فوات الجمعة وكل منهما ممتنع وإنما اغتفروا ذلك في المسبوق ؛ لأنه تابع لا منشئ أما غيرها فلا يشترط فيه ذلك بل الشرط في غير المقتدى به قبل نحو حدثه أن لا يخالف إمامه في ترتيب صلاته كالأولى مطلقا أو ثالثة الرباعية بخلاف ثانيتها أو رابعتها أو ثالثة المغرب حيث لم يجددوا نية الاقتداء به ؛ لأنه حينئذ يحتاج للقيام وهم للقعود أما مقتد به قبل ذلك فيجوز استخلافه [ ص: 487 ] مطلقا ؛ لأنه يلزمه مراعاة نظم صلاة الإمام فيقنت ويتشهد في محل قنوت الإمام وتشهده
( ولا يشترط كونه ) أي الخليفة أو المتقدم ( حضر الخطبة ولا ) أن يكون أدرك ( الركعة الأولى في الأصح فيهما ) ؛ لأنه بالاقتداء به قبل خروجه صار في حكم من حضر الخطبة فضلا عن كونه أدرك الركعة الأولى ألا ترى أنه لو انفض السامعون بعد إحرام غيرهم قاموا مقامهم كما مر ولا يشترط سماعه للخطبة جزما ، ولو استخلفه قبل الصلاة اشترط سماعه لها ، وإن زاد على الأربعين كما اقتضاه إطلاقهم لأن من لم يسمع لا يندرج في ضمن غيره إلا بعد الاقتداء ولهذا لو بادر أربعون سمعوا فعقدوا الجمعة انعقدت لهم بخلاف غير السامعين .
فإن قلت : ظاهر كلامهم صحة استخلاف من سمع ، ولو نحو محدث وصبي زاد فما الفرق ؟ قلت : يفرق بأنه بالسماع اندرج في ضمن غيره فصار من أهلها تبعا ظاهرا فلهذا كفى استخلافه ولبطلان صلاته أو نقصها اشترطت زيادته ، وأما من لم يسمع فلم يصر من أهلها ولا في الظاهر فلم يكف استخلافه [ ص: 488 ] مطلقا ، ويجوز الاستخلاف في الخطبة لمن سمع ما مضى من أركانها دون غيره على ما حررته في شرح الإرشاد . ( ثم ) إذا استخلف واحدا وتقدم بنفسه في الجمعة ( إن كان ) ، وإن بطلت فيما إذا أدركه في القيام صلاة الإمام قبل ركوعها ( تمت جمعتهم ) أي الخليفة والمأمومين لأنه صار قائما مقامه ( وإلا ) يدرك ذلك ، وإن استخلف فيها ( فتتم ) الجمعة ( لهم دونه في الأصح ) لإدراكهم ركعة كاملة مع الإمام بخلافه فيتمها ظهرا ، وإن أدرك معه ركوع الثانية وسجودها كما أفهمه كلام أدرك ) الإمام في قيام أو ركوع الركعة ( الأولى الشيخين وغيرهما ، وإن قال البغوي يتمها جمعة ؛ لأنه صلى مع الإمام ركعة فقد مر أن المعتمد أنه لا بد من بقائه معه إلى أن يسلم وفارق هذا الخليفة مسبوقا اقتدى به بأنه تابع والخليفة إمام لا يمكن جعله تابعا لهم وبحث بعضهم أنه متى أدرك ركعة لم تلزمه نية الإمامة وإلا لزمته وفيه نظر لأنه ليس إماما من كل وجه فالأوجه أنه لا تلزمه نية الإمامة مطلقا لبقاء كونه مأموما حكما إذ يلزمه الجري على نظم الإمام الأول ( تنبيه )
يؤخذ من تعليلهم هنا في بعض المسائل ومما مر أنها لا تصح خلف من لا تلزمه إلا إن زاد على الأربعين وأن العدد بقاؤه شرط إلى السلام إن فرض ما هنا إذا كان الإمام زائدا على الأربعين ؛ لأنه إذا كان منهم بطلت بخروجه لنقص العدد وأنه حيث لزم الخليفة الظهر اشترط أن يكون زائدا على الأربعين وإلا لم يصح اقتداؤهم به [ ص: 489 ] ولا ينافي هذا ما قالوه في صلاة الجمعة في الخوف الجائز في الأمن أيضا كما بينته في شرح الإرشاد ؛ لأن الإمام ثم واحد والكل تبع له وهذا ليس موجودا هنا وأفتى بعضهم فيمن أحرم بتسعة وثلاثين فاقتدى به آخر في الثانية فأحدث واستخلفه أتموا الجمعة لقيام المأموم مقام الإمام ؛ لأنه باقتدائه به قبل الحدث انسحب عليه حكم الجماعة في بقاء العدد دون إدراك الجمعة لاختلاف الملحظين وما اقتضاه كلامه من جواز اقتدائهم به مع كونه ليس زائدا على الأربعين فيه نظر
وأما حسبانه من العدد حتى لا تبطل جمعتهم لو أتموا فرادى فمتجه