( بأن ) حصر باعتبار ما مر أيضا الثالث التمتع مكة ) في أشهر الحج سمي بذلك لتمتعه بسقوط عوده للإحرام بالحج من ميقات طريقه وقيل لتمتعه بين النسكين بما كان محظورا عليه وقوله من ميقات بلده غير شرط بل لو أحرم دونه كان متمتعا ويلزمه مع دم المجاوزة إن أساء بها دم التمتع ، وإن كان بين محل إحرامه ( يحرم بالعمرة من ميقات بلده ) يعني طريقه ( ويفرغ منها ثم ينشئ حجا من ومكة دون مرحلتين وما في الروضة مما يخالف ذلك ضعيف وقوله من مكة هو كما بعده شرط للدم لا لتسميته متمتعا ( وأفضلها ) أي : الثلاثة بل الخمسة ( الإفراد ) [ ص: 149 ] لأن رواته أكثر ولأن بقية الروايات يمكن ردها إليه بحمل التمتع على معناه اللغوي ، وهو الانتفاع والقران على أنه باعتبار الآخر ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم اختار الإفراد أولا ثم أدخل عليه العمرة خصوصية له للحاجة إلى بيان جوازها في هذا الجمع العظيم ، وإن سبق بيانها منه قبل متعددا .
وإنما أمر من لا هدي معه من أصحابه وقد أحرموا بالحج ثم حزنوا على إحرامهم به مع عدم الهدي بفسخه إلى العمرة خصوصية لهم ليكون المفضول ، وهو عدم الهدي للمفضول ، وهو العمرة لا ؛ لأن الهدي يمنع الاعتمار أو عكسه ؛ لأنه خلاف الإجماع ولإجماعهم على عدم كراهته واختلافهم في كراهة الآخرين ولعدم دم فيه بخلافهما والجبر دليل النقص ولمواظبة الخلفاء الراشدين عليه بعده صلى الله عليه وسلم كما رواه أي : إلا الدارقطني عليا كرم الله وجهه ، فإنه لم يحج زمن خلافته لاشتغاله بقتال الخارجين عليه ، وإنما كان ينيب رضي الله عنهم نعم شرط أفضليته أن يعتمر من سنته بأن لا يؤخرها عن ذي الحجة وإلا كان كل منهما أفضل منه لكراهة تأخيرها عن سنته ، وإن أطال ابن عباس السبكي في خلافه وبحث الإسنوي أفضلية قران أو تمتع أتبعه بعمرة لاشتماله على المقصود مع زيادة عمرة أخرى وتبعه عليه جمع وقد رددته في الحاشية ثم رأيت شارحا رده لكن بما فيه نظر ظاهر ويأتي أن من متمتع [ ص: 150 ] أي بالمعنى السابق آنفا لكن لا دم عليه ومع ذلك لا ينبغي لمن أتى بعمرة ، أو بإحرامها فقط قبل أشهر الحج بمكة يريد الإفراد الأفضل ترك الاعتمار في رمضان مثلا لئلا يفوته ؛ لأن الفضل الحاضر لا يترك لمترقب ونظيره ما يأتي أنه ليس مرادهم بندب تحري مكان ، أو زمان فاضل للصدقة تأخيرها إليه ؛ لأنه لا يدري أيدركه أو لا بل الإكثار منها إذا أدركه .
( وبعده التمتع ) ؛ لأن المتمتع يأتي بعملين كاملين ، وإنما ربح أحد الميقاتين فقط بخلاف القارن ، فإنه يأتي بعمل واحد من ميقات واحد وفي نسخ ثم القران ولا إشكال فيها ؛ لأن بعده مرتبتين أخريين كل منهما من بعض تلك الأوجه ( وفي قول ) أفضلها ( التمتع ) ، وهو مذهب الحنابلة وأطالوا في الانتصار له وفي قول القران أفضل ، وهو مذهب الحنفية واختاره جمع من أكابر الأصحاب