( ولو ( دام النكاح ) بينهما إجماعا على أي كفر كانا ولتساويهما في الإسلام . المناسب للتقرير : فارق هذا ما لو ارتدا معا ( والمعية ) في الإسلام إنما تعتبر ( بآخر اللفظ ) المحصل له لأن المدار في حصوله عليه دون أوله ووسطه ، وظاهر أن هذا يجري في غير هذا المحل فلو أسلما معا ) قبل وطء أو بعده وكان قياس ما مر في الصلاة من أنه يتبين بالراء دخوله فيها من حين النطق بالهمزة أن يقال بالتبين هنا إلا أن يفرق بأن التكبير ثم ركن وهو من الأجزاء فكان ذلك التبين ضروريا ثم وأما هنا فكلمة الشهادة خارجة عن ماهية الإسلام فلا حاجة للتبين فيها بل لا يصح لأن المحصل هو تمامها لا ما قبله من أجزائها والإسلام بالتبعية كهو استقلالا فيما ذكر نعم لو أسلمت بالغة عاقلة مع أبي الطفل أو المجنون قبل نحو الوطء دام النكاح كما اقتضاه كلامهما بناء على ما صححوه أن العلة الشرعية تقارن معلولها فترتب إسلامه على إسلام أبيه لا يقتضي تقدما وتأخرا بالزمان وقال جمع منهم شرع في كلمة الشهادة فمات مورثه بعد أولها وقبل آخرها لم يرثه البغوي : تتنجز الفرقة بناء على تقدمها واختاره السبكي ووجهه البلقيني ومن تبعه بعدم مقارنة إسلامه لإسلامها لأن إسلامه إنما يقع عقب إسلام أبيه فهو عقب إسلامها لأن الحكم للتابع متأخر عن الحكم للمتبوع فلا يحكم للولد بإسلام حتى يصير الأب مسلما ، ولك رده بأنه إن كان بنى كلامه على ما بناه عليه البغوي وغيره من تقدم العلة بالزمان لم يحتج لهذا التوجيه وإن بناه على الأصح أن العلة تقارن معلولها لم يصح هذا التوجيه لأن الشارع نزل نطق المتبوع بالإسلام منزلة نطق التابع به فكأن نطقهما وقع في زمن واحد وحينئذ اندفع زعمه أن إسلامه لم يقارن إسلامها ، وقوله لأن الحكم للتابع إلى آخره لا يفيد هنا لأن المدار فيه على التقدم والتأخر بالزمان لكونه محسوسا [ ص: 330 ] لا بالرتبة لأنه أمر عقلي لا يناسب هنا فتأمله قال البغوي ويبطل أيضا إن أسلمت عقب إسلام الأب لأن إسلامها قولي وإسلامه حكمي وهو أسرع فيكون إسلامه متقدما على إسلامها ويأتي ذلك في إسلام أبيها معه .
( فائدة ) :
ورد أنه صلى الله عليه وسلم زوج بنته زينب رضي الله عنها رضي الله عنه قبل البعثة ولا إشكال فيه لأنه حينئذ لا يحكم عليه بإسلام ولا كفر ، والعقد لا يوصف بحل ولا حرمة ثم بعد البعثة كان كافرا و لم تبن منه بانقضاء عدتها لأن تحريم لأبي العاص بن الربيع إنما نزل بعد الهجرة بل استمرت معزولة عنه إلى الهجرة فهاجرت معه صلى الله عليه وسلم واستمرت كذلك حتى نزلت آية تحريم المسلمات على المشركين بعد صلح نكاح الكافر للمسلمة الحديبية سنة ست فحينئذ توقف انفساخ نكاحها على انقضاء عدتها فلم يلبث حتى جاء وأظهر إسلامه فردها صلى الله عليه وسلم له بنكاحها الأول لأنه ليس بين إسلامه وتوقف نكاحها على انقضاء العدة إلا اليسير وبما تقرر في هذه القضية يعلم أن جميع ما فيها موافق لمذهبنا لا يرد عليه منها شيء خلافا لمن زعم فيها أشياء لم تثبت ثم أوردها علينا .
( وحيث أدمنا النكاح لا تضر مقارنة العقد ) أي عقد النكاح الواقع في الكفر ( لمفسد ) من مفسدات النكاح ( هو زائل عند الإسلام ) لأن الشروط لما ألغي اعتبارها حال نكاح الكافر رخصة لكون جمع من الصحابة أسلموا وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم بل وأمر من أسلم على أختين أن يختار إحداهما وعلى عشر أن يختار أربعا وجب اعتبارها حال التزام أحكامنا بالإسلام لئلا يخلو العقد عن شرطه في الحالين معا نعم إن اعتقدوا إفساد المفسد الزائل فلا تقرير ويظهر فيما لو اختلف دين قوم الزوج والزوجة اعتبار الأول أخذا مما مر أول باب موانع النكاح ( وكانت بحيث تحل له الآن ) أي يحل له ابتداء نكاحها وقت الإسلام قيل لا حاجة لهذا لأنه احترز عن مسألة الحرة والأمة الآتية وهي معلومة مما قبله لأن المفسد فيها وهو عدم الحاجة لنكاح الأمة لم يزل عند الإسلام وأجيب بأنه ذكر تأكيدا وإيضاحا ( وإن بقي المفسد ) المقارن لعقد الكفر [ ص: 331 ] إلى وقت إسلام أحدهما بحيث كانت محرمة عليه وقته كنكاح محرم وملاعنة ومطلقة ثلاثا قبل تحليل .
( فلا نكاح ) بينهما لامتناع ابتدائه حينئذ إذا تقرر ذلك ( فيقر على نكاح بلا ولي ولا شهود ) أو مع إكراه أو نحوه لحل نكاحها الآن فالضابط أن تكون الآن بحيث يحل ابتداء نكاحها مع تقدم ما تسمى به زوجة عندهم ( و ) يقر على نكاح وقع ( في عدة ) للغير سواء عدة الشبهة وغيرها ( هي منقضية عند الإسلام ) بخلافها إذا بقيت لما تقرر ( و ) يقر على غصب حربي أو ذمي لحربية إن اعتقدوه نكاحا وعلى نكاح ( مؤقت إن اعتقدوه مؤبدا ) إلغاء لذكر الوقت بخلاف ما إذا اعتقدوه مؤقتا فإنهم لا يقرون عليه وإن أسلما قبل تمام المدة لأن بعدها لا نكاح في اعتقادهم وقبلها يعتقدونه مؤقتا ومثله لا يحل ابتداؤه وبهذا يفرق بين هذا والتفصيل في شرط الخيار وفي النكاح في العدة بين بقاء المدة والعدة فلا يقرون وانقضائهما فيقرون وحاصله أن بعدها هنا لا نكاح في اعتقادهم بخلافه في ذينك وقبلها الحكم واحد في الكل .
( وكذا ) يقر ( ولو قارن الإسلام ) من أحدهما أو منهما ( عدة شبهة ) كأن أسلم فوطئت بشبهة ثم أسلمت أو عكسه أو وطئت بشبهة ثم أسلما في عدتها ( على المذهب ) وإن امتنع ابتداء نكاح المعتدة لأن طرو عدة الشبهة لا يقطع نكاح المسلم فهذا أولى فمن ثم غلب عليه حكم الاستدامة هنا دون نظائره نعم إن حرمها وطء ذي الشبهة عليه لكونه أباه أو ابنه فلا تقرير كما مال إليه الأذرعي وله احتمال أنه يناط بمعتقدهم فإن لم يعتقدوا فيه شيئا فلا تقرير ويرده ما يأتي أن نكاح المحرم لا ينظر لاعتقادهم فيه وحيث لم يقترن بمفسد لا يؤثر اعتقادهم لفساده لأنه لا رخصة في رعاية اعتقادهم حينئذ ( لا فإنه لا يقر عليه إجماعا نعم لا نتعرض لهم فيه إلا بقيده الآتي ولا نكاح زوجة لآخر كذا أطلقوه ويظهر أن محله حيث لم يقصد الاستيلاء عليها وهي حربية [ ص: 332 ] وإلا ملكها وانفسخ نكاح الأول كما يعلم مما يأتي ولا نكاح بشرط الخيار ولو لأحدهما قبل انقضاء المدة إلا إن اعتقدوا إلغاء الشرط وأنه لا أثر له فيما يظهر أخذا مما مر في المؤقت فإن قلت : ما الفرق بين مؤقت اعتقدوا صحته مع التأقيت ونحو نكاح بلا ولي وشهود اعتقدوا صحته ؟ قلت : لأن أثر التأقيت من زوال العصمة عند انتهاء الوقت باق فلم ينظر لاعتقادهم . نكاح محرم ) كبنته وزوجة أبيه