( فإن ) شرطها ، أو إن أبرأتني من صداقك فأنت طالق طلقة رجعية فأبرأت كما أفتى به جمع أخذا من فتاوى كطلقتك ، أو خالعتك بكذا على أن لي عليك الرجعة فقبلت ( فرجعي ، ولا مال ) له ؛ لأن شرطي الرجعة والمال أي : أو البراءة متنافيان فيتساقطان ويبقى مجرد الطلاق ، وهو يقتضي الرجعة ولأنه لما صرح برجعية علم أن مراده مجرد التعليق بصفة البراءة لا أنها عوض ، وبحث بعضهم عدم الوقوع في مسألة البراءة ؛ لأنه لا سبيل للوقوع إلا بصحة البراءة ، وصحتها تستلزم البينونة ، وهي تنافي قوله : رجعية ، ويرد بأن هذا نظير ما ذكروه من التنافي ، وقد صرحوا بأنه لا ينافي الوقوع ( وفي قول : بائن بمهر المثل ) ؛ لأن الخلع لا يفسد بفساد العوض ، ولو خالعها بعوض على أنه متى شاء رده ، وكان له الرجعة بانت بمهر مثل ؛ لأنه رضي هنا بسقوط الرجعة ومتى سقطت لا تعود . ابن الصلاح
( ولو ، أو ارتدا ( فأجاب ) ها الزوج فورا بأن لم تتراخ الردة ولا الجواب كما أفادته الفاء ، وحينئذ نظر ( إن كان ) الارتداد ( قبل دخول ، أو بعده وأصرت ) هي ، أو هو ، أو هما على الردة ( حتى انقضت العدة بانت بالردة ولا مال ) ولا طلاق لانقطاع النكاح بالردة في الحالين أما إذا أجاب قبل الردة فإنها تبين حالا بالمال [ ص: 485 ] بخلاف ما لو وقعا معا فإنها تبين بالردة ، ولا مال كما بحثه قالت طلقني بكذا وارتدت ) ، أو ارتد هو السبكي وغيره أي إن لم يقع إسلام ، ويوجه بأن المانع أقوى من المقتضي فبحث شارح وجوبه ضعيف ، وإن جزم به شيخنا في شرح منهجه ( وإن أسلمت ) هي ، أو هو ، أو هما ( فيها ) أي العدة ( طلقت بالمال ) المسمى ؛ لأنا تبينا صحة الخلع ، وتحسب العدة من حين الطلاق ( ولا يضر تخلل ) سكوت ، أو ( كلام يسير ) ولو أجنبيا من المطلوب جوابه ( بين إيجاب وقبول ) ؛ لأنه لا يعد إعراضا هنا نظرا لشائبة التعليق ، أو الجعالة ، وبه فارق البيع ، وظاهر كلامهم هنا أن الكثير يضر ، ولو من غير المطلوب جوابه ، وبه صرحوا في البيع ، ويحتمل أنه لا يضر هنا إلا من المطلوب جوابه لما تقرر من الفرق بينهما ثم رأيت شيخنا جزم به .
( فرع ) نقل الأصبحي عن العمراني أن قولها خالعتك بألف لغو ، وإن قبل ؛ لأن الإيقاع إليه دونها ولا ينافيه خلافا لمن ظنه قول الخوارزمي بتقدير اعتماده لو بانت ؛ لأن القبول التزام للطلاق بالإبراء ؛ لأنه ليس هنا إيقاع منها حتى في الصورة الثالثة كما أفهمه تعليله المذكور ، وإنما لم يجعل قوله : قبلت في الأولى متضمنا للالتزام المذكور ؛ لأنها بإسنادها الخلع إلى نفسها أفسدت صيغتها فلم يبق صيغة صحيحة تلزمها بخلافها في الثالثة فإن صيغتها ملزمة فصح جعل قبوله التزاما لما تضمنته ، وكان بعضهم أخذ من كلام قالت أبرأت ذمتك من صداقي على طلاقي فطلق ، أو قال قبلت الإبراء الخوارزمي هذا قوله : لو وقع بائنا بمهر المثل لكن ينبغي حمل قوله بمهر المثل على ما إذا جهل أحدهما الصداق ، وإلا وقع بائنا في مقابلة البراءة منه كما اقتضاه كلام قالت بذلت صداقي على صحة طلاقي فقال قبلت الخوارزمي هذا .
والذي يتجه أن محل ما قاله الخوارزمي في الأولى ما إذا نوت جعل الإبراء عوضا للطلاق فطلق على ذلك بأن تلفظ به بخلاف ما إذا نواه أيضا ؛ لأن هذا في معنى تعليق الإبراء ، وتعليقه باطل فلا عوض حينئذ كما مر بيانه في الفصل الذي قبل هذا [ ص: 486 ] وفي الثانية ما إذا قال قبلت بذلك ونوى به إيقاع الطلاق في مقابلة الإبراء ، وإلا فالتزام الطلاق بغير لفظ صريح فيه ولا كناية مع النية لا يوقعه ويجري ما ذكرته في الأولى في صورة بذلها المذكورة إن قلنا فيما إذا كان الصداق دينا أن البذل يصح كونه كناية في الإبراء ، وفيه نظر ؛ لأنه إنما يستعمل في الأعيان لا غير ؛ إذ حقيقة البذل الإعطاء ، وحقيقة الإبراء الإسقاط ، والنسبة بينهما التباين فلا يصح أن يراد بأحدهما الآخر فإن قلت الإبراء تمليك لا إسقاط فصح استعمال البذل فيه .
قلت : كونه تمليكا إنما هو أمر حكمي له لا أنه مدلول لفظه على أن التحقيق أنه لا يطلق القول بأنه تمليك ولا بأنه إسقاط ؛ لأن لهم فروعا راعوا فيها الأول وفروعا راعوا فيها الثاني لكن لما كانت أكثر أطلق كثيرون عليه التمليك فملحظ ذينك ليس النظر لمدلول اللفظ بل لمدرك ما يستعمل فيه ، وأما مدلوله الأصلي فهو الإسقاط لا غير فتم ما تقرر من المنافاة بينهما ، ولو علق بالبراءة ، فأتت بلفظ البذل لم يكف ، وإن نوته به ؛ لأنه لا يحتمله قاله ابن عجيل وغيره ونظر فيه بأنه في معناه ؛ ولذا قيل : إنه تمليك للدين ، ويرد بمنع أنه في معناه لما تقرر أن البذل إنما يستعمل في الأعيان لا غير ، ومن ثم لو قالت : بذلت صداقي على طلاقي ، وهو دين فطلق ، ولم ينويا جعل مثله عوضا للطلاق وقع رجعيا كما مر بما فيه في الفصل الذي قبل هذا بخلاف ما لو قال : أنت طالق على صحة البراءة فلا تطلق حتى تبرئه ؛ لأن البذل غير البراءة ، فكان كلامه تعليقا مبتدأ خلافا لمن قال : يقع بقوله : أنت طالق ، وما بعده لمجرد التأكيد ؛ لأنه صرف للفظ عن ظاهره لغير موجب ، والنظائر التي استشهد بها لا تشهد له كما هو واضح للمتأمل أما إذا نويا جعل مثله عوضا فيقع بائنا إن علم ، وإلا فبمهر المثل بخلاف ما لو جعلاه نفسه ؛ لأن الدين ما دام دينا لا يقبل العوضية ، ولا يصح استعمال البذل فيه كما تقرر ، والنذر له بالمهر في إن أبرأتني مر حكمه والأوجه في إن نذرت لي بكذا فأنت طالق فنذرت [ ص: 487 ] له به أنه يقع بائنا وكون النذر قربة لا ينافي وقوع الطلاق في مقابلته ؛ إذ الإبراء قربة أيضا