( ولو كان ( أو مجنونا ) أو أعجميا يعتقد وجوب طاعة الآمر فأكله ( فمات وجب القصاص ) ؛ لأنه ألجأه إلى ذلك سواء أقال هو مسموم أم لا كذا عبر به كثيرون مع فرض أكثرهم الكلام في غير المميز وهو عجيب إذ لا يتعقل مخاطبة غير المميز بنحو ذلك ولا يتوهم أحد فيه فرقا بين القول وعدمه فلذا قال الشارح بالكلية ؛ لأنه لا معنى لوجوده بحضرة غير المميز فتأمله ولك أن تجعل العناية في كلام الشارح بالنسبة للمميز الصادق به الصبي وتمنع أنه يطرد فيها أن ما بعدها أولى بالحكم مما قبلها بل قد ينعكس ، وقد يستويان كما في قوله تعالى { ضيف بمسموم ) يعلم أنه يقتل غالبا غير مميز ( صبيا ) فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به } ولما نظر الكشاف إلى الغالب أول الآية بما أكثر المحشون على كلامه وغيرهم الكلام فيه ردا وجوابا فراجعه .
نعم عندي في الآية جواب هو أن باذل المال قد يبذله كرها ، وقد يبذله اختيارا وهذا قد يبذله ساكتا ، وقد يبذله مصرحا بأنه فداء عن نفسه المذعنة بالخطأ والتقصير فإذا لم يقبل ذلك البذل من هذا فممن قبله أولى فهي حينئذ من الغالب ، أما المميز فكذلك على منقول الشيخين لكن بحثهما ومنقول غيرهما وانتصر لهما جمع متأخرون أنه كما في قوله ( أو بالغا عاقلا ولم يعلم حال الطعام ) فأكله فمات ( فدية ) لشبه العمد كما بأصله فهو أبين تجب هنا لتغريره لا قود لتناوله له باختياره ( وفي قول قصاص ) لتغريره كالإكراه ويجاب بأن في الإكراه إلجاء دون هذا { وقتله صلى الله عليه وسلم [ ص: 384 ] لليهودية التي سمته بخيبر لما مات بشر رضي الله عنه } لا دليل فيه لأنها لم تقدمه بل أرسلت به إليهم فقطع فعل الرسول فعلها كالممسك مع القاتل وبفرض أنه لم يقطعه فعدم رعاية المماثلة هنا بخلافها مع اليهودي السابق قرينة لكون قتله لها لنقضها العهد بذلك على ما يأتي آخر الجزية لا للقود وتأخيره لموت بشر بعد العفو لتحقق عظيم الجناية التي لا يليق بها العفو حينئذ لا ليقتلها إذا مات والحاصل أنها واقعة حال فعلية محتملة فلا دليل فيها ( وفي قول لا شيء ) تغليبا للمباشرة ويجاب بأن محل تغليبها حيث اضمحل ما معها كالممسك مع القاتل ولا كذلك هنا أما إذا علم فهدر ؛ لأنه المهلك لنفسه ولو قدم إليه المسموم مع جملة أطعمة ، فقضية كلام الإمام أنه كما لو كان وحده وهو متجه لوجود التغرير حيث جرت العادة بمد يده إليه سواء النفيس وغيره وهذا أوجه من ترددات للأذرعي فيه وكالتضييف ما لو ناوله إياه أو أمره بأكله .