[ ص: 194 ] بكسر السين ما يخرج بين الجلد واللحم من الحمصة إلى البطيخة فيه بنفسه أو مأذونه إزالة لشينها من غير ضرر كالفصد ، ومثلها في جميع ما يأتي العضو المتآكل ( إلا مخوفة ) من حيث قطعها ( لا خطر في تركها ) أصلا ، بل في قطعها ولو احتمالا فيما يظهر ، ( أو ) في كل من قطعها وتركها خطر ، لكن ( الخطر في قطعها أكثر ) منه في تركها ؛ فيمتنع القطع في هاتين الصورتين ؛ لأنه يؤدي إلى الهلاك بخلاف ما إذا استويا ، وإن نازع فيه ( واستقل ) وهو الحر والمكاتب البالغ العاقل ولو سفيها ( قطع سلعة ) البلقيني ، أو كان الترك أخطر ، أو الخطر فيه فقط أو لم يكن في القطع خطر وجهل حال الترك فيما يظهر أو لا خطر في واحد منهما ، فيجوز قطعها ؛ لأن فيه غرضا من غير أدائه إلى الهلاك وبحث البلقيني وجوبه إذا قال الأطباء : إن عدمه يؤدي إلى الهلاك
قال الأذرعي : ويظهر الاكتفاء بواحد أي عدل رواية ، وأنه يكفي علم الولي فيما يأتي أي : وعلم صاحب السلعة إن كان فيهما أهلية ذلك ، ( ولأب وجد ) لأب وإن علا ، وألحق بهما السيد في قنه والأم إذا كانت قيمة ولم تقيد بذلك في التعزير ؛ لأنه أسهل ( قطعها من صبي ومجنون مع الخطر ) في كل ، لكن ( إن زاد خطر الترك ) على القطع لصونهما ماله فبدنه أولى ، بخلاف ما إذا انحصر الخطر في القطع أو زاد خطره اتفاقا أو استويا ، وفارقا المستقل بأنه يغتفر للإنسان فيما يتعلق بنفسه ما لا يغتفر له فيما يتعلق بغيره ، ( لا ) قطعها مع خطر فيه ( لسلطان ) ونوابه ووصي ، فلا يجوز إذ ليس لهم شفقة الأب والجد
( وله ) أي : الأصل الأب والجد ( ولسلطان ) ونوابه والوصي ( قطعها ) إذا كان ( بلا خطر ) فيه أصلا ، وإن لم يكن في الترك خطر لعدم الضرر ، وليس للأجنبي وأب لا ولاية له ذلك بحال ، فإن فعله فسرى للنفس اقتص من الأجنبي ، وبحث الزركشي في الأب والجد اشتراط عدم العداوة الظاهرة نظير ما مر في ولاية النكاح ، وفيه نظر ، إما أولا فإنما يتوهم ذلك حيث اعتمد معرفة نفسه [ ص: 195 ] أما إذا شهد به خبيران فلا وجه للتقييد بذلك ، وأما ثانيا فالفرق واضح ؛ لأن الأب لعداوته قد يتساهل في الكفء ولا كذلك فيما يؤدي للتلف ، فالوجه ما أطلقوه هنا ، ( و ) لمن ذكر ( فصد وحجامة ) ونحوهما من كل علاج سليم عادة ، أشار به طبيب لنفعه له
( فلو ، ومثلها ما في معناها ( فلا ضمان ) بدية ولا كفارة ( في الأصح ) ؛ لئلا يمتنع من ذلك فيتضرر المولى ، نعم صرح مات ) المولى ( بجائز من هذا ) الذي هو قطع السلعة أو الفصد أو الحجامة الغزالي وغيره بحرمة ؛ لأنه إيلام لم تدع إليه حاجة ، قال تثقيب أذن الصبي أو الصبية الغزالي إلا أن يثبت فيه من جهة النقل رخصة ولم تبلغنا . وكأنه أشار بذلك إلى رد ما قيل مما جرى عليه قاضي خان من الحنفية في فتاويه أنه لا بأس به ؛ لأنهم كانوا يفعلونه جاهلية ولم ينكر عليهم صلى الله عليه وسلم وفي الرعاية للحنابلة يجوز في الصبية لغرض الزينة ويكره في الصبي
وأما ما في الحديث الصحيح { ، والنبي صلى الله عليه وسلم يراهن بلال } فليس فيه دليل للجواز ؛ لأن التثقيب سبق قبل ذلك فلم يلزم من سكوته عليه حله ، وزعم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع لا يجدي هنا ؛ لأنه ليس فيه تأخير ذلك إلا لو سئل عن حكم التثقيب أو رأى من يفعله أو بلغه ذلك فهذا هو وقت الحاجة ، وأما شيء وقع وانقضى ولم يعلم هل فعل بعد أو لا فلا حاجة ماسة لبيانه ، نعم خبر أن النساء أخذن ما في آذانهن وألقينه في حجر بسند رجاله ثقات عن الطبراني : أنه عد من السنة في الصبي يوم السابع أن تثقب آذانه . صريح في الجواز في الصبي ، فالصبية أولى ؛ لأن قول الصحابي من السنة كذا في حكم المرفوع ابن عباس
وبهذا يتأيد ما ذكر عن قاضي خان والرعاية من حيث مطلق الحل ، ثم رأيت الزركشي استدل للجواز بما في حديث أم زرع في الصحيح ، وهو { كنت لك كأبي زرع لأم زرع لعائشة : } مع قولها : أناس أي : ملأ من حلي أذني انتهى . وفيه نظر يتلقى مما ذكرناه في حديث النساء ؛ إذ بفرض دلالة الحديث على أن أذنيها كانتا مخرقتين وأنه صلى الله عليه وسلم ملأهما حليا هو محتمل إذ لم يدر من خرقهما ، وقد تقرر أن وجود الحلي فيهما لا يدل على حل ذلك التخريق السابق ، ويظهر في خرق الأنف بحلقة تعمل فيه من فضة أو ذهب أنه حرام مطلقا ؛ لأنه لا زينة [ ص: 196 ] في ذلك يغتفر لأجلها إلا عند فرقة قليلة ولا عبرة بها مع العرف العام بخلاف ما في الآذان فإنه زينة للنساء في كل محل قوله صلى الله عليه وسلم
والحاصل أن الذي يتمشى على القواعد حرمة ذلك في الصبي مطلقا ؛ لأنه لا حاجة فيه يغتفر لأجلها ذلك التعذيب ، ولا نظر لما يتوهم أنه زينة في حقه ما دام صغيرا ؛ لأن الحق أنه لا زينة فيه بالنسبة إليه وبفرضه هو عرف خاص ، وهو لا يعتد به لا في الصبية لما عرف أنه زينة مطلوبة في حقهن قديما وحديثا ، وقد جوز صلى الله عليه وسلم اللعب لهن للمصلحة ، فكذا هذا ، وأيضا جوز الأئمة لوليها صرف مالها فيما يتعلق بزينتها لبسا وغيره مما يدعو الأزواج إلى خطبتها وإن ترتب عليه فوات مال لا في مقابل تقديما لمصلحتها المذكورة ، فكذا هنا ينبغي أن يغتفر هذا التعذيب ؛ لأجل ذلك على أنه تعذيب سهل محتمل وتبرأ منه سريعا ، فلم يكن في تجويزه لتلك المصلحة مفسدة بوجه فتأمل ذلك فإنه مهم