(وهذا ومن باب الإشارة في الآيات) ما وجدته لبعض أرباب التأويل من العارفين أن العصا إشارة إلى نفسه التي يتوكأ عليها. أي: يعتمد في الحركات والأفعال الحيوانية ويهش بها على غنم القوة البهيمية السليمة ورق الملكات الفاضلة والعادات الحميدة من شجرة الفكر، وكانت لتقدسها منقادة لأوامره مرتدعة عن أفعالها الحيوانية إلا بإذنه كالعصا، وإذا أرسلها عند الاحتجاج على الخصوم صارت كالثعبان تلقف ما يأفكون من الأكاذيب ويظهرون من حبال الشبهات وعصا المغالطات فيغلبهم ويقهرهم. وأن نزع اليد إشارة إلى إظهار القدرة الباهرة الساطعة منها أنوار الحق. وجعل بعضهم فرعون إشارة إلى النفس الأمارة، وقومه إشارة إلى صفاتها، وكذا السحرة وموسى إشارة إلى الروح، وقومه بنو إسرائيل العقل والقلب والسر وعلى هذا القياس. وأول الطوفان بالعلم الكثير، والجراد بالواردات والقمل بالإلهامات، والضفادع بالخواطر، والدم بأصناف المجاهدات والرياضات وهو كما ترى. النيسابوري
وقد ذكر غير واحد أن السحر كان غالبا في زمن موسى عليه السلام؛ فلهذا كانت معجزته ما كانت، والطب ما كان غالبا في زمن عيسى عليه السلام؛ فلهذا كانت معجزته من جنس الطب، والفصاحة كانت غالبا في زمن نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم، والتفاخر بها أشهر من (قفا نبك) فلهذا كانت معجزته القرآن، وإنما كانت ليكون ذلك أدعى إلى إجابة دعواه. معجزة كل نبي من جنس ما غلب على زمانه