والمؤمنون والمؤمنات بيان لحسن حال المؤمنين والمؤمنات حالا ومآلا بعد بيان حال أضدادهم عاجلا وآجلا ، وقوله سبحانه : بعضهم أولياء بعض يقابل قوله تعالى فيما مر : بعضهم من بعض ، وتغيير الأسلوب للإشارة إلى تناصرهم وتعاضدهم بخلاف أولئك; وقوله عز وجل : يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ظاهر المقابلة لـ يأمرون بالمنكر إلخ والكلام في المنكر والمعروف معروف ، وقوله جل وعلا : ويقيمون الصلاة في مقابلة نسوا الله وقوله تعالى جده : ويؤتون الزكاة في مقابلة ويقبضون أيديهم وقوله تبارك وتعالى : ويطيعون الله ورسوله أي في سائر الأمور في مقابلة وصف المنافقين بكمال الفسق والخروج عن الطاعة وقيل : هو في مقابلة نسوا الله ، وقوله سبحانه : ويقيمون الصلاة زيادة مدح ، وقوله تعالى شأنه : أولئك سيرحمهم الله في مقابلة ( فنسيهم ) المفسر بمنع لطفه ورحمته سبحانه ، وقيل : في مقابلة إن المنافقين هم الفاسقون لأنه بمعنى المتقين المرحومين ، والإشارة إلى المؤمنين والمؤمنات باعتبار اتصافهم بما سلف من الصفات الجليلة ، والإتيان بما يدل على البعد لما مر غير مرة .
والسين على ما قال وتبعه غير واحد لتأكيد الوعد وهي كما تفيد ذلك تفيد تأكيد الوعيد ، ونظر فيه صاحب التقريب ووجه ذلك بأن السين في الإثبات في مقابلة لن في النفي فتكون بهذا الاعتبار تأكيدا لما دخلت عليه ولا فرق في ذلك بين أن يكون وعدا أو وعيدا أو غيرهما ، وقال العلامة ابن حجر : ما زعمه الزمخشري من أن السين تفيد القطع بمدخولها مردود بأن القطع إنما فهم من المقام لا من الوضع وهو توطئة [ ص: 136 ] لمذهبه الفاسد في تحتم الجزاء، ومن غفل عن هذه الدسيسة وجهه وتعقبه الفهامة الزمخشري ابن قاسم بأن هذا لا وجه له لأنه أمر نقلي لا يدفعه ما ذكر ونسبة الغفلة للأئمة إنما أوجبه حب الاعتراض ، وحينئذ فالمعنى أولئك المنعوتون بما فصل من النعوت الجليلة يرحمهم الله تعالى لا محالة إن الله عزيز قوي قادر على كل شيء لا يمتنع عليه ما يريده ( حكيم ) يضع الأشياء مواضعها ومن ذلك النعمة والنقمة; والجملة تعليل للوعد .