( سورة مريم
المشهور تسميتها بذلك، ورويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد أخرج الطبراني وأبو نعيم من طريق والديلمي أبي بكر ابن عبد الله بن أبي مريم الغساني عن أبيه عن جده قال : . أتيت رسول الله عليه الصلاة والسلام فقلت : ولدت لي الليلة جارية فقال : والليلة أنزلت علي سورة مريم
، وجاء فيما روي عن رضي الله تعالى عنهما تسميتها بسورة ( كهيعص ) وهي مكية كما روي عن ابن عباس عائشة وابن عباس رضي الله تعالى عنهم ، وقال وابن الزبير : هي كذلك إلا آية السجدة فإنها مدنية نزلت بعد مهاجرة [ ص: 57 ] المؤمنين إلى الحبشة ، وفي الإتقان استثناء قوله تعالى : مقاتل وإن منكم إلا واردها أيضا ، وهي عند العراقيين والشاميين ثمان وتسعون آية، وعند المكيين تسع وتسعون وللمدنيين قولان ، ووجه مناسبتها لسورة الكهف اشتمالها على نحو ما اشتملت عليه من الأعاجيب كقصة ولادة يحيى . وقصة ولادة عيسى عليهما السلام ولهذا ذكرت بعدها ، وقيل إن أصحاب الكهف يبعثون قبل الساعة ويحجون مع عيسى عليه السلام حين ينزل، ففي ذكر هذه السورة بعد تلك مع ذلك إن ثبت ما لا يخفى من المناسبة ، ويقوي ذلك ما قيل أنهم من قومه عليه السلام، وقيل غير ذلك .
بسم الله الرحمن الرحيم كهيعص
أخرج عن ابن مردويه أنه سئل عن ذلك فحدث عن الكلبي أبي صالح عن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أم هانئ كاف هاد عالم صادق ، واختلفت الروايات عن ، ففي رواية أنه قال : كاف من كريم وها من هاد ويا من حكيم وعين من عليم وصاد من صادق ، وفي رواية أنه قال : كبير هاد أمين عزيز صادق ، وفي أخرى أنه قال : هو قسم أقسم الله تعالى به وهو من أسماء الله تعالى ، وفي أخرى أنه كان يقول : كهيعص وحم ويس وأشباه هذا هو اسم الله تعالى الأعظم ، ويستأنس له بما أخرجه ابن عباس عثمان بن سعيد الدارمي وابن ماجه عن وابن جرير فاطمة بنت علي قالت : كان كرم الله تعالى وجهه : يقول يا كهيعص اغفر لي . علي
وأخرج عن ابن أبي حاتم وناس من الصحابة أنهم قالوا كهيعص هو الهجاء المقطع، الكاف من الملك والهاء من الله والياء والعين من العزيز والصادق من المصور . ابن مسعود
وأخرج أيضا عن نحو ذلك إلا أنه لم يذكر الياء ، وقال: الصاد من الصمد . محمد بن كعب
وأخرج أيضا عن أنه قال في ذلك : يا من يجير ولا يجار عليه ، وأخرج الربيع بن أنس عبد الرزاق وعبد ابن حميد عن أنه اسم من أسماء القرآن ، وقيل : إنه اسم للسورة وعليه جماعة ، وقيل حروف مسرودة على نمط التعديد ونسب إلى جمع من أهل التحقيق ، وفوض البعض علم حقيقة ذلك إلى حضرة علام الغيوب . قتادة
وقد تقدم تمام الكلام في ذلك وأمثاله في أول سورة البقرة فتذكر ، وقرأ الجمهور كاف بإسكان الفاء ، وروي عن ضمها وأمال الحسن هاويا بين اللفظين وأظهر دال صاد ولم يدغمها في الذال بعد وعليه الأكثرون . نافع
وقرأ بضم الهاء وعنه أيضا ضم الياء وكسر الهاء ، وعن الحسن ضم الياء وعنه أيضا كسرهما ، وعن عاصم فتح الهاء وكسر الياء ، قال حمزة أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن المقري الرازي في كتاب اللوامح : إن الضم في هذه الأحرف ليس على حقيقته وإلا لوجب قلب ما بعدهن من الألفات واوات بل المراد أن ينحى هذه الألفات نحو الواو على لغة أهل الحجاز وهي التي تسمى ألف التفخيم ضد الإمالة ، وهذه الترجمة كما ترجموا عن الفتحة الممالة المقربة من الكسر بالكسر لتقريب الألف بعدها من الياء انتهى ، ووجه الإمالة والتفخيم أن هذه الألفات لما لم يكن لها أصل حملوها على المنقلبة عن الواو تارة ، وعن الياء أخرى فيجوز الأمران دفعا للتحكم .
وقرأ بتقطيع هذه الحروف وتخليص بعضها من بعض واقتضى ذلك إسكان آخرهن ، والتقاء الساكنين مغتفر في باب الوقف ، وأدغم أبو جعفر دال صاد في الذال بعد وقرأ أبو عمرو حفص عن وفرقة بإظهار النون من عين ، والجمهور على إخفائها . واختلف في إعرابه فقيل على القول بأن كل حرف من اسم [ ص: 58 ] من أسمائه تعالى لا محل لشيء من ذلك ولا للمجموع من الإعراب ، وقيل : إن كل حرف على نية الإتمام خبر لمبتدأ محذوف أي هو كاف هو هاد وهكذا أو الأول على نية الإتمام كذلك والبواقي خبر بعد خبر . وعلى ما روي عن عاصم الربيع قيل : هو منادى وهو اسم من أسمائه تعالى معناه الذي يجير ولا يجار عليه . وقيل لا محل له من الإعراب أيضا، وهو كلمة تقال في موضع نداء الله تعالى بذلك العنوان مثل ما يقال مهيم في مقام الاستفسار عن الحال وهو كما ترى ، وعلى القول بأنه حروف مسرودة على نمط التعديد قالوا : لا محل له من الأعراب