فإن تولوا عن الإسلام ولم يلتفتوا إلى ما يوجبه فقل لهم آذنتكم أي أعلمتكم ما أمرت به أو حربي لكم ، والإيذان إفعال من الإذن وأصله العلم بالإجازة في شيء وترخيصه ثم تجوز به عن مطلق العلم وصيغ منه الأفعال ، وكثيرا ما يتضمن معنى التحذير والإنذار وهو يتعدى لمفعولين الثاني منهما مقدر كما أشير إليه . وقوله تعالى : على سواء في موضع الحال من المفعول الأول أي كائنين على سواء في الإعلام بذلك لم أخص أحدا منكم دون أحد .
وجوز أن يكون في موضع الحال من الفاعل والمفعول معا أي مستويا أنا وأنتم في المعاداة أو في العلم بما أعلمتكم به من وحدانية الله تعالى لقيام الأدلة عليها . وقيل ما أعلمهم صلى الله عليه وسلم به يجوز أن يكون ذلك وأن يكون وقوع الحرب في البين واستوائهم في العلم بذلك جاء من إعلامهم به وهم يعلمون أنه عليه الصلاة والسلام الصادق الأمين وإن كانوا يجحدون بعض ما يخبر به عنادا فتدبر . وجوز أن يكون الجار والمجرور في موضع الصفة لمصدر مقدر أي إيذانا على سواء . وأن يكون في موضع الخبر لأن مقدرة أي أعلمتكم أني على سواء أي عدل واستقامة رأي بالبرهان النير وهذا خلاف المتبادر جدا .
وفي الكشاف أن قوله تعالى : آذنتكم إلخ استعارة تمثيلية شبه بمن بينه وبين أعدائه هدنة فأحس بغدرهم فنبذ إليهم العهد وشهر النبذ وأشاعه وآذنهم جميعا بذلك وهو من الحسن بمكان وإن أدري أي ما أدري أقريب أم بعيد ما توعدون من غلبة المسلمين عليكم وظهور الدين أو الحشر مع كونه آتيا لا محالة ، والجملة في موضع نصب بأدري . ولم يجئ التركيب أقريب ما توعدون أم بعيد لرعاية الفواصل .