إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء على إضمار القول أي قل للكفرة إن الله إلخ، وقيل: لا حاجة إلى إضماره لجواز أن يكون (تدعون من باب الالتفات للإيذان بالغضب، وفيه بحث. وقرأ أبو عمرو وسلام «يعلم ما» بالإدغام. وأبو عمرو بخلاف «يدعون» بياء الغيبة حملا على ما قبله، وما استفهامية منصوبة بتدعون (ويعلم) معلقة عنها فالجملة في موضع نصب بها (ومن) الأولى متعلقة بتدعون على ما هو الظاهر (ومن) الثانية للتبيين وجوز كونها للتبعيض، ويجوز كون ما نافية ومن الثانية مزيدة وشيء مفعول تدعون، أي لستم تدعون من دونه تعالى شيئا، كأن ما يدعونه من دونه عز وجل لمزيد حقارته لا يصلح أن يسمى شيئا، وجوز كونها مصدرية وهي وما بعدها في تأويل مصدر مفعول يعلم على أنها بمعنى يعرف ناصبة لمفعول واحد ومن تبعيضية، أي يعرف دعاءكم وعبادتكم بعض شيء من دونه وقيل: (من) للتبيين (وشيء) بمعنى ذلك المصدر وتنوينه للتحقير، أي يعرف دعوتكم من دونه هي دعوة حقيرة، وجوز كونها موصولة مفعول يعلم بمعنى يعرف ومفعول تدعون عائدها المحذوف ومن إما بيان للموصول أو تبعيضية. وعاصم
وجوز زيادتها على هذا الوجه وما بعده، ولا يخفى ما فيه. والكلام على الوجهين الأولين في ما تجهيل للكفرة المتخذين من دون الله تعالى أولياء لما فيهما من نفي الشيئية عما اتخذوه وليا والاستفهام عنه الذي هو في معنى النفي لأنه إنكار، وفيه توكيد للمثل لأن كون معبودهم ليس بشيء يعبأ به مناسب ولذا لم يعطف، وعلى الوجهين الأخيرين فيها وعيد لهم لأن العلم بدعوتهم وعبادتهم عبارة عن مجازاتهم عليها وكذا العلم بما يدعونه عبارة عن مجازاتهم على دعائهم إياه، وترك العطف فيه لأنه استئناف، ويجوز إرادة التجهيل والوعيد في الوجوه كلها، وقوله تعالى: وهو العزيز الحكيم في موضع الحال ويفهم منه التعليل على المعنيين، [ ص: 163 ] فإن من فرط الغباوة إشراك ما لا يعد شيئا بمن هذا شأنه، وإن الجماد بالإضافة إلى القادر القاهر على كل شيء البالغ في العلم وإتقان الفعل الغاية القاصية كالمعدوم البحت، وإن من هذا صفته قادر على مجازاتهم.