وقوله تعالى : لئن أخرجوا لا يخرجون معهم إلى آخره تكذيب لهم في كل واحد من أقوالهم على التفصيل بعد تكذيبهم في الكل على الإجمال ولئن قوتلوا لا ينصرونهم وكان الأمر كذلك ، والإخبار عن خلفهم في الميعاد قيل : من الإخبار بالغيب وهو من أدلة النبوة وأحد وجوه الإعجاز ، وهذا مبني على أن السورة نزلت قبل وقعة بني النضير ، وكلام أهل الحديث والسير على ما قيل : يدل على خلافه .
وقال بعض الأجلة : إن قوله تعالى : " يقولون لئن أخرجتم " إلخ من باب الإخبار بالغيب بناء على ما روي أن عبد الله بن أبي دس إليهم لا يخرجوا فأطلع الله تعالى رسوله عليه الصلاة والسلام على ما دسه ولئن نصروهم على سبيل الفرض والتقدير ليولن أي المنافقون الأدبار فرارا ثم لا ينصرون بعد ذلك أي يهلكهم الله تعالى ولا ينفعهم نفاقهم لظهور كفرهم ، أو ليولن أي اليهود المفروضة نصرة المنافقين إياهم ولينهزمن ، ثم لا ينفعهم نصرة المنافقين ، وقيل : الضمير المرفوع في نصروهم لليهود ، والمنصوب للمنافقين أي ولئن نصر اليهود المنافقين ليولي اليهود الأدبار وليس بشيء ، وكأنه دعا قائله إليه دفع ما يتوهم من المنافاة بين لا ينصرونهم ولئن نصروهم على الوجه السابق ، وقد أشرنا إلى دفع ذلك من غير حاجة إلى هذا التوجيه الذي لا يخفى حاله