سورة عبس
وتسمى سورة الصاخة، وسورة السفرة، وسميت في غير كتاب سورة الأعمى، وهي مكية لا خلاف، وآيها اثنتان وأربعون في الحجازي والكوفي، وإحدى وأربعون في البصري، وأربعون في الشامي والمدني الأول، ولما ذكر سبحانه فيما قبلها: إنما أنت منذر من يخشاها ذكر عز وجل في هذه من ينفعه الإنذار ومن لم ينفعه فقال عز من قائل:
بسم الله الرحمن الرحيم عبس وتولى أن جاءه الأعمى إلخ. روي أن وهو ابن خال ابن أم مكتوم واسمه خديجة عمرو بن قيس بن زائدة بن جندب بن هرم بن رواحة بن حجر بن معيص بن عامر بن لؤي القرشي، وقيل: عبد الله بن عمرو، وقيل: عبد الله بن شريح بن مالك بن أبي ربيعة الفهري، والأول أكثر وأشهر كما في جامع الأصول، وأم مكتوم كنية أمه، واسمها عاتكة بنت عبد الله المخزومية، وغلط في جعلها في الكشاف جدته، وكان أعمى، وعمي بعد نور، وقيل: ولد أعمى؛ ولذا قيل لأمه الزمخشري أم مكتوم.
أتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعنده صناديد قريش عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل والعباس بن عبد المطلب وأمية بن خلف والوليد بن المغيرة يناجيهم ويدعوهم إلى الإسلام رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم. فقال: يا رسول الله، أقرئني وعلمني مما علمك الله تعالى، وكرر ذلك ولم يعلم تشاغله بالقوم، فكره رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قطعه لكلامه وعبس وأعرض عنه فنزلت. فكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يكرمه ويقول إذا رآه: «مرحبا بمن عاتبني فيه ربي» ويقول: «هل لك من حاجة».
واستخلفه صلى الله تعالى عليه وسلم على المدينة فكان يصلي بالناس ثلاث عشرة مرة كما رواه في الاستيعاب عن أهل العلم بالسير ثم استخلف بعده ابن عبد البر أبا لبابة وهو من المهاجرين الأولين هاجر على الصحيح قبل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ووهم في زعمه أنه مدني وأنه لم يجتمع بالصناديد المذكورين من أهل القرطبي مكة، وموته قيل بالقادسية شهيدا يوم فتح المدائن أيام رضي الله تعالى عنه، ورآه عمر يومئذ وعليه درع وله راية سوداء، وقيل: رجع منها إلى أنس المدينة فمات بها رضي الله تعالى عنه، وضمير ( عبس ) وما بعده للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وفي التعبير عنه عليه الصلاة والسلام بضمير الغيبة إجلال له صلى الله تعالى عليه وسلم لإيهام أن من صدر عنه ذلك غيره؛ لأنه لا يصدر عنه صلى الله تعالى عليه وسلم مثله، كما أن في التعبير عنه صلى الله تعالى عليه وسلم بضمير الخطاب في قوله سبحانه: