الذي يؤتي ماله أي: يعطيه ويصرفه يتزكى طالبا أن يكون عند الله تعالى زاكيا ناميا لا يريد به رياء ولا سمعة أو متطهرا من الذنوب، فالجملة نصب على الحال من ضمير يؤتي، وجوز أن تكون بدلا من الصلة فلا محل لها من الإعراب، وجوز أيضا أن يكون الفعل وحده بدلا من الفعل السابق وحده، واعترض كلا الوجهين بأن البدل من قسم التابع المعرف بكل ثان أعرب بإعراب سابقه ولا إعراب للصلة حتى يثبت لها تابع فيه، وسبب الإعراب وهو الرفع في الفعل متوفر مع قطع النظر عن التبعية وهو على المشهور تجرده عن الناصب والجازم فليس معربا بإعراب سابقه لظهور [ ص: 152 ] ذلك في كون إعرابه للتبعية وهو هنا ليس لها بل للتجرد. وأجيب مع الإغماض عما في ذلك التعريف مما نبه على بعضه الرضي، أما عن الأول فبأن المراد أعرب بإعراب سابقه إن كان له إعراب أو بأن المراد أعرب بإعراب سابقه وجودا وعدما، وقيل: إطلاق التابع على ذلك ونحوه من الحرف والفعل الغير المعرب مجاز من حيث إنه مشابه للتابع لموافقته لسابقه فيما له، وأما عن الثاني فبأن الشيء قد يقصد لشيء وإن كان متحققا قبل ذلك الشيء لأمر آخر كألف التثنية وواو الجمع؛ فإنه يؤتى بهما للدلالة على التثنية والجمع فيتحققان، ويأتي عامل الرفع على المثنى والمجموع وهما فيهما قبله فيقصدان له، وقال السيد عيسى: المراد بقولهم: كل ثان أعرب... إلخ كل ثان أعرب لو لم يكن معربا فتدبر ولا تغفل.
وجوز أن يكون يتزكى بتقدير لأن يتزكى متعلقا ب «يؤتي» علة له، ثم حذفت اللام، وحذفها من أن وأن شائع، ثم حذفت أن فارتفع الفعل أو بقي منصوبا كما في قول طرفة:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى
فقد روي برفع أحضر وبنصبه. وقيل: إنه بتقدير لأن، أو عن أن أحضر فصنع فيه نحو ما سمعت. وأيا ما كان يدل الكلام على أن المراد بإيتائه صرفه في وجوه البر والخير.
وقرأ الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم: «يزكى» بإدغام التاء في الزاي.