وانحر البدن التي هي خيار أموال العرب باسمه تعالى وتصدق على المحاويج خلافا لمن يدعهم ويمنع منهم الماعون كذا قيل. وجعل السورة عليه كالمقابلة لما قبلها كما فعل الإمام، ولم يذكروا مقابل التكذيب بالدين. وقال الشهاب الخفاجي: إن الكوثر بمعنى الخير الكثير الشامل للأخروي يقابل ذلك لما فيه من إثباته ضمنا، وكذا إذا كان بمعنى النهر والحوض والأمر على تفسيره بالإسلام وتفسير الدين به أيضا في غاية الظهور، والمراد بالصلاة عند الصلاة المفروضة. وأخرج ذلك أبي مسلم ابن جرير عن وابن أبي حاتم وأخرجه الأول الضحاك عن وابن المنذر وذهب جمع إلى أنها جنس الصلاة. وقيل: المراد بها صلاة العيد وبالنحر التضحية. ابن عباس،
أخرج ابن جرير وابن مردويه عن قال: كانت هذه الآية يوم الحديبية أتاه سعيد بن جبير جبريل عليهما الصلاة والسلام فقال: انحر وارجع، فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فخطب خطبة الأضحى ثم ركع ركعتين ثم انصرف إلى البدن فنحرها؛ فذلك قوله تعالى: فصل لربك وانحر .
واستدل به على وليس بشيء. وجوب تقديم الصلاة على التضحية
وأخرج وغيره عن عبد الرزاق مجاهد وعطاء أنهم قالوا: المراد صلاة الصبح وعكرمة بمزدلفة والنحر بمنى، والأكثرون على أن المراد بالنحر نحر الأضاحي واستدل به بعضهم على لمكان الأمر مع قوله تعالى: ( فاتبعوه ) وأجيب بالتخصص بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: وجوب الأضحية «ثلاث كتبت علي ولم تكتب عليكم: الضحى [ ص: 247 ] والأضحية والوتر».
وأخرج عن ابن أبي حاتم أبي الأحوص أنه قال: وانحر أي استقبل القبلة بنحرك وإليه ذهب وقال: يقال: منازلهم تتناحر؛ أي تتقابل، وأنشد قوله: (الفراء)
أبا حكم هل أنت عم مجالد وسيد أهل الأبطح المتناحر
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه في سننه عن والبيهقي كرم الله تعالى وجهه أنه قال: علي إنا أعطيناك إلخ. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام لجبريل عليه السلام:
«ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي؟». فقال: إنها ليست بنحيرة، ولكن يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت، وإذا رفعت رأسك من الركوع فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين هم في السماوات السبع، وإن لكل شيء زينة، وزينة الصلاة رفع اليدين عند كل تكبيرة. لما نزلت هذه السورة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم:
وأخرج عن ابن جرير رضي الله تعالى عنه أنه قال في ذلك: ترفع يديك أول ما تكبر في الافتتاح. أبي جعفر
وأخرج في تاريخه البخاري في الأفراد وآخرون عن الأمير كرم الله تعالى وجهه أنه قال: ضع يدك اليمنى على ساعد اليسرى ثم ضعهما على صدرك في الصلاة. والدارقطني
وأخرج نحوه أبو الشيخ في سننه عن والبيهقي مرفوعا ورواه جماعة عن أنس وروى ابن عباس، عباس - وروي عن أن معناه: اقعد بين السجدتين حتى يبدو نحرك، وعن عطاء الضحاك وسليمان التيمي أنهما قالا: معناه: ارفع يديك عقيب الصلاة عند الدعاء إلى نحرك ولعل في صحة الأحاديث عند الأكثرين مقالا، وإلا فما قالوا الذي قالوا وقد قال الجلال السيوطي في حديث كرم الله تعالى وجهه الأول: أنه أخرجه علي ابن أبي حاتم في المستدرك بسند ضعيف وقال فيه والحاكم إنه حديث منكر جدا، بل أخرجه ابن كثير في الموضوعات. وقال ابن الجوزي الجلال في الحديث الآخر عن الأمير كرم الله تعالى وجهه: أخرجه ابن أبي حاتم بسند لا بأس به، ويرجع قول الأكثرين إن لم يصح عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ما يخالفه أن الأشهر استعمال النحر في نحر الإبل دون تلك المعاني، وأن سنة القرآن ذكر الزكاة بعد الصلاة، وما ذكر بذلك المعنى قريب منها بخلافه على تلك المعاني، وأن ما ذكروه من المعاني يرجع إلى آداب الصلاة أو أبعاضها فيدخل تحت: والحاكم فصل لربك ويبعد عطفه عليه دون ما عليه الأكثر مع أن القوم كانوا يصلون وينحرون للأوثان فالأنسب أن يؤمر صلى الله تعالى عليه وسلم في مقابلتهم بالصلاة والنحر له عز وجل، هذا واعتبار الخلوص في «فصل» إلخ كما أشرنا إليه لدلالة السياق عليه، وقيل: لدلالة لام الاختصاص. وفي الالتفات عن ضمير العظمة إلى خصوص الرب مضافا إلى ضميره عليه الصلاة والسلام تأكيد لترغيبه صلى الله تعالى عليه وسلم في أداء ما أمر به على الوجه الأكمل.