قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا [ ص: 296 ] المراد بها جماعة من
أهل مكة كانوا قد أسلموا وأظهروا للنبي صلى الله عليه وسلم الإيمان به ، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم أقاموا مع قومهم وفتن منهم جماعة فافتتنوا ، فلما كان أمر
بدر خرج منهم قوم مع الكفار ؛ فنزلت الآية . وقيل : إنهم لما استحقروا عدد المسلمين دخلهم شك في دينهم فارتدوا فقتلوا على الردة ؛ فقال المسلمون : كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا على الخروج فاستغفروا لهم ؛ فنزلت الآية . والأول أصح . روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=832695عن محمد بن عبد الرحمن قال : قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه فلقيت nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته فنهاني عن ذلك أشد النهي ، ثم قال : أخبرني ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي السهم فيرمى به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل ؛ فأنزل الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97توفاهم الملائكة يحتمل أن يكون فعلا ماضيا لم يستند بعلامة تأنيث ، إذ تأنيث لفظ الملائكة غير حقيقي ، ويحتمل أن يكون فعلا مستقبلا على معنى تتوفاهم ؛ فحذفت إحدى التاءين . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك عن
الحسن أن المعنى تحشرهم إلى النار . وقيل : تقبض أرواحهم ؛ وهو أظهر . وقيل : المراد بالملائكة ملك الموت ؛ لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=11قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم . و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97ظالمي أنفسهم نصب على الحال ؛ أي في حال ظلمهم أنفسهم ، والمراد ظالمين أنفسهم فحذف النون استخفافا وأضاف ؛ كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95هديا بالغ الكعبة . وقول الملائكة :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97فيم كنتم سؤال تقريع وتوبيخ ، أي أكنتم في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أم كنتم مشركين ! وقول هؤلاء
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97كنا مستضعفين في الأرض يعني
مكة ، اعتذار غير صحيح ؛ إذ كانوا يستطيعون الحيل ويهتدون السبيل ، ثم وقفتهم الملائكة على دينهم بقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97ألم تكن أرض الله واسعة . ويفيد هذا السؤال والجواب أنهم ماتوا مسلمين ظالمين لأنفسهم في تركهم الهجرة ، وإلا فلو ماتوا كافرين لم يقل لهم شيء من هذا ، وإنما أضرب عن ذكرهم في الصحابة لشدة ما واقعوه ، ولعدم تعين أحدهم بالإيمان ، واحتمال ردته . والله أعلم . ثم استثنى تعالى منهم من الضمير الذي هو الهاء والميم في مأواهم من كان مستضعفا حقيقة من زمنى الرجال وضعفة النساء والولدان ؛
كعياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام وغيرهم الذين دعا لهم الرسول صلى الله عليه وسلم . قال
ابن عباس : كنت أنا وأمي ممن عنى الله بهذه الآية ؛ وذلك أنه كان من الولدان إذ ذاك ، وأمه هي
nindex.php?page=showalam&ids=11696أم الفضل بنت الحارث واسمها لبابة ، وهي أخت
ميمونة ، وأختها الأخرى
لبابة الصغرى ، وهن تسع أخوات قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهن :
[ ص: 297 ] الأخوات مؤمنات ومنهن
سلمى والعصماء وحفيدة ويقال في
حفيدة :
أم حفيد ، واسمها هزيلة . هن ست شقائق وثلاث لأم ؛ وهن
سلمى ،
وسلامة ،
nindex.php?page=showalam&ids=116وأسماء بنت عميس الخثعمية امرأة
nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب ، ثم امرأة
أبي بكر الصديق ، ثم امرأة
علي رضي الله عنهم أجمعين .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97فيم كنتم سؤال توبيخ ، وقد تقدم والأصل " فيما " ثم حذفت الألف فرقا بين الاستفهام والخبر ، والوقف عليها ( فيمه ) لئلا تحذف الألف والحركة . والمراد بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97ألم تكن أرض الله واسعة المدينة ؛ أي ألم تكونوا متمكنين قادرين على الهجرة والتباعد ممن كان يستضعفكم ! وفي هذه الآية دليل على هجران الأرض التي يعمل فيها بالمعاصي . وقال
سعيد بن جبير : إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرج منها ؛ وتلا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا استوجب الجنة وكان رفيق إبراهيم ومحمد عليهما السلام .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97فأولئك مأواهم جهنم أي مثواهم النار . وكانت الهجرة واجبة على كل من أسلم .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97وساءت مصيرا نصب على التفسير . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=98لا يستطيعون حيلة الحيلة لفظ عام لأنواع أسباب التخلص . والسبيل سبيل
المدينة ؛ فيما ذكر
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي وغيرهما ، والصواب أنه عام في جميع السبل . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=99فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم هذا الذي لا حيلة له في الهجرة لا ذنب له حتى يعفى عنه ؛ ولكن المعنى أنه قد يتوهم أنه يجب تحمل غاية المشقة في الهجرة ، حتى إن من لم يتحمل تلك المشقة يعاقب فأزال الله ذلك الوهم ؛ إذ لا يجب تحمل غاية المشقة ، بل كان يجوز ترك الهجرة عند فقد الزاد والراحلة . فمعنى الآية ؛ فأولئك لا يستقصى عليهم في المحاسبة ؛ ولهذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=99وكان الله عفوا غفورا والماضي والمستقبل في حقه تعالى واحد ، وقد تقدم .