أخرج عن ابن أبي حاتم سعيد بن هلال أنه قال : إن الآية نزلت في عمومة النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا عشرة، وكانوا أشد الناس معه في العلانية وأشد الناس عليه عليه الصلاة والسلام في السر، وقيل: ضمير الجمع لأبي طالب وحده وجمع استعظاما لفعله حتى كأنه مما لا يستقل به واحد، وقيل : إنه نزل منزلة أفعال متعددة فيكون كقوله : قفا عند المازني، ولا يخفى بعده، وروى هذا القول جماعة عن رضي الله تعالى عنهما أيضا ابن عباس
وروي عن مقاتل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند أبي طالب يدعوه للإسلام فاجتمعت قريش إليه يريدون سوءا بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال منشدا :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة
وأبشر وقر بذاك منك عيونا ودعوتني وزعمت أنك ناصح
ولقد صدقت وكنت ثم أمينا وعرضت دينا لا محالة أنه
من خير أديان البرية دينا لولا الملامة أو حذاري سبة
لوجدتني سمحا بذاك مبينا
والنأي لازم يتعدى بعن كما في الآية. ونقل عن أنه سمع تعديته بنفسه عن المبرد وأنشد : أعاذل إن يصبح صدى بقفرة بعيدة نآني زائري وقريبي وخرجه البعض على الحذف والإيصال، ولا يخفى ما في (ينهون وينأون) من التجنيس البديع وقرئ (وينون) عنه الواحدي وإن يهلكون أي وما يهلكون بذلك إلا أنفسهم بتعريضها لأشد العذاب وأفظعه وهو عذاب الضلال والإضلال.، وقوله تعالى : وما يشعرون
62
- حال من ضمير يهلكون أي يقصرون الإهلاك على أنفسهم والحال أنهم غير شاعرين لا بإهلاكهم أنفسهم ولا باقتصار ذلك عليها من غير أن يضروا بذلك شيئا من القرآن أو النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم. وإنما عبر عنه بالإهلاك مع أن المنفي عن غيرهم مطلق الضرر للإيذان بأن ما يحيق بهم هو الهلاك لا الضرر المطلق على أن مقصدهم لم يكن مطلق الممانعة فيما ذكروا بل كانوا يبغون الغوائل لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الذي هو نظام عقد لآلئ الآيات القرآنية
وجوز أن يكون الإهلاك معتبرا بالنسبة إلى الذين يضلونهم بالنهي فقصره على أنفسهم حينئذ مع شموله للفريقين مبني على تنزيل عذاب الضلال عند عذاب الإضلال منزلة العدم. ونفي الشعور -على ما في البحر- أبلغ من نفي العلم كأنه قيل : وما يدركون ذلك أصلا